الجمعة، 9 سبتمبر 2016

الاستدلال على حجية القطع

نذكر في المقام الاستدلال على حجية القطع دليلين يمكن ان يرجع الدليل الاول والدليل الثاني الى دليل واحد لكن الطرح والمنهج في البيان مختلف :

الدليل الاول :الحجية لازم ذاتي للقطع
قيل ان الحجية لازم ذاتي للقطع كما ان الحرارة لازم ذاتي للنار وكما ان الزوجية لازم ذاتي للاربعة ,فالقطع يستلزم الحجية والمنجزية دون الحاجة الى واسطة لاثبات الحجية له ,ولازم الشيء لا ينفك عنه .

جواب الدليل الاول :
نقول :
اولاً: ان اريد بهذا الاستدلال مجرد التنبيه الى ماهو مرتكز ومسلم في الاذهان وعند العقلاء بان القطع يستلزم الحجية يستلزم التنجيز والتعذير ,بمعنى استحقاق الثواب في الموافقة واستحقاق العقاب في المخالفة فلا اشكال ولا مشاحة في ذلك ونحن نسلم بان القطع يستلزم الحجية يستلزم التنجيز والتعذير لكن هذا ليس باستدلال .

ثانيا: نطرح عدة اسئلة :
سؤال 1:
نسال اولا :اي قطع من القطوع تكون الحجية والمنجزية من لوازمه ؟
او هل ان كل قطع من القطوع تكون الحجية والمنجزية من لوازمه ؟
هل كل قطع منجز وحجة ؟
الجواب :
نقول بالتاكيد ليس كل قطع فالمقصود هنا القطع بتكليف المولى اما تكليف غير المولى فلا يكون منجزا حتى لو قطعنا به مثلا لو قطعت بامر زيد او بنهي زيد وزيد ليس بمولى بالتاكيد لا يجب امتثال امره او نهيه .
وعليه فالمنجزية والحجية ليست من لوازم القطع مطلقاً وانما هي من لوازم حصة خاصة من القطع وهو القطع بتكليف المولى .
وهذا يعني انه يفترض اولاً: وجود مولى وثانيا وجود القطع بصدور التكليف من المولى وثالثاً منجزية القطع وحجيته اذن لدينا ثلاثة عناصر :
1- مولى
2- قطع بتكليف المولى
3- الحجية او المنجزية والمعذرية
بعد ان وصلنا في نتيجة السؤال الاول الى هذه العناصر ياتي السؤال الثاني :
ما معنى المولى ؟
الجواب
ان المولى هو من له حق الطاعة اي هو من يحكم العقل بوجوب امتثال اوامره والانتهاء عن نواهيه واستحقاق العقاب على المخالفة .
وقد عرفنا سابقا ان :الحجية والمنجزية هي حكم العقل بوجوب امتثال الاوامر واستحقاق العقاب على المخالفة .
وهذا المعنى نفسه موجود في معنى المولى ,وهذا يعني ان حق الطاعة له نفس معنى الحجية والمنجزية اذن عنوان المولى يشمل حكم العقل بوجوب امتثال الاوامر والانتهاء عن النواهي واستحقاق العقاب على المخالفة .

النتيجة :
ان المولى هو الذي تكون اوامره منجزة وحجة اي المولى هو الذي لاوامره الحجية والمنجزية .
مما تقدم يكون لدينا :
أ- المولى والقطع باوامر المولى والحجية والمنجزية له .
ب- المولى هو الذي لاوامره الحجية والمنجزية
وبالتعويض في المعادلة السابقة :
المولى (وجود المولى ) --------القطع (القطع باوامر المولى )--------الحجية والمنجزية
ينتج :
(الذي لاوامره الحجية والمنجزية )-----------القطع--------------الحجية والمنجزية .

وهذا يعني اننا عندما نقول : ان المنجزية والحجية من لوازم القطع بتكليف المولى فانه يعني ان المنجزية والحجية من لوازم القطع بتكليف من لاوامره المنجزية والحجية اي ان المنجزية والحجية مورد البحث تعتمد على معرفة المنجزية والحجية التي للمولى ولاوامره فيجب اولا معرفة المنجزية والحجية التي للمولى ولاوامره .

اذن الحجية تدخل في تعريف المولى اي تدخل في تحديد المولوية وهذا يعني انه علينا مسبقا ان نعرف ما هو المولى وما هي حدود المولى وما هو حكم العقل بخصوص مولوية المولى بخصوص الاطاعة والامتثال وبخصوص استحقاق العقاب عند المخالفة وبالتاكيد هي ستكون الحدود للحجية والمنجزية والمعذرية .
اذن الكلام اولا في مولوية المولى وتحديدها اي في مولوية من له حق الطاعة ومنها نعرف حدود حق الطاعة وهل ان للمولى حق الطاعة :
أ- فقط في كل ما يقطع به من تكاليفه ؟
ب- او ان للمولى حق الطاعة فقط في بعض ما يقطع به من تكاليف؟
ج- او ان للمولى حق الطاعة في كل ما ينكشف من تكاليفه سواء كان الانكشاف بالقطع ام بالظن ام بالاحتمال ؟

الدليل الثاني :حجية القطع من صغريات قاعدة (حسن العدل وقبح الظلم )
هذا الدليل فيه تعميق وزيادة بيان على الدليل الاول اي يمكن القول ان الدليل الاول يرجع الى هذا الدليل الثاني .
وقد استدل على حجية القطع بالقول :
بما ان القطع عدل ومخالفة القطع ظلم وبما ان القاعدة تشير الى حسن العدل وقبح الظلم اذن العمل بالقطع عدل ومخالفة القطع ظلم وثابت لدينا قبح الظلم اذن مخالفة القطع قبح .

وبعبارة اوضح بصورة مقدمات ونتائج نقول :
1- بالنسبة الى حسن العدل
المقدمة الاولى : ان العمل بالقطع عدل
المقدمة الثانية: القاعدة تشير الى حسن العدل
النتيجة : اذن العمل بالقطع حسن

2-بالنسبة الى قبح الظلم
المقدمة الاولى :ان مخالفة القطع ظلم
المقدمة الثانية : القاعدة تشير الى قبح الظلم
النتيجة: ان مخالفة القطع قبيح او قبح

اذن العمل بالقطع حسن ومخالفة القطع قبح وهذا يعني ان العامل بالقطعع يستحق المدح والثواب والمخالف للقطع يستحق الذم والعقاب .
والمتحصل : ان حجية القطع من صغريات قاعدة (حسن العدل وقبح الظلم )
اي ان منجزية ومعذرية القطع من صغريات قاعدة (حسن العدل وقبح الظلم )

وهنا قولان :
القول الاول :
ان حجية القطع امر واقعي يدركه العقل فالحجية لازم ذاتي واقعي عقلي للقطع اي لا يحتاج الو واسطة في معرفته وفي ثبوته  .

القول الثاني :
ان حجية القطع امر مشهوري مجعول من قبل العقلاء فالحجية لازم مشهوري عقلائي .

تفصيل اكثر نقول :
بناء على ما ذكرناه في القول الاول والقول الثاني نفرع بعض الكلام ونقول يوجد مذهبان :

الاول : مذهب الاصوليين :
الكثير من الاصوليين ذهب الى ان قاعدة ( حسن العدل وقبح الظلم ) تعتبر من الامور الواقعية من قبيل الامكان والامتناع والتي يدركها العقل وهي موجودة وثابته في عالم الواقع فهي موجودة  قبل العقل ومهمة العقل ادراكها .
وبما ان حجية القطع تعتبر من صغريات هذه القاعدة اذن حجية القطع تعتبر من الامور الواقعية التي يدركها العقل وعليه فالحجية لازم ذاتي واقعي من لوازم القطع .

الثاني :مذهب الفلاسفة :
ذهب مشهور الفلاسفة الى ان قاعدة (حسن العدل وقبح الظلم ) تعتبر من الاحكام العقلائية والقضايا المشهورات المجعولة من قبل العقلاء والتي حكم بها العقل حفظا لنظامهم .
وبما ان حجية القطع تعتبر من صغريات قاعدة حسن العدل وقبح الظلم اذن حجية القطع تعتبر من الامور المجعولة والقضايا المشهورات فالحجية لازم مشهوري عقلائي .

جواب الدليل الثاني :
في الجواب على الدليل الثاني نقول :
اولا: ان استحقاق الثواب في الموافقة واستحقاق العقاب في المخالفة من القضايا والامور المرتكزة والمسلمة سواء كانت من الامور الواقعية الاولية ام كانت من المشهورات سواء على مذهب الفلاسفة او على مذهب الاصوليين فاذا كان المستدل يريد التنبيه والالفات الى تلك القضية المرتكزة فلا اشكال في ذلك لكن هذا ليس باستدلال .

ثانيا :يمكن ان يقال :
ان قبح مخالفة القطع قد اخذ في موضوعها عنوان القطع ومخالفة القطع وهذا يرجع الكلام الى ماذكرناه في جواب الدليل الاول من السؤال عن اي قطع هو الذي تقبح مخالفته ؟
هل كل القطوع او فقط قطع المولى اي قطع بتكاليف المولى ؟ وتفصيل ذلك ذكرناه في الدليل الاول .
كذلك يمكن ان يقال : ان قاعدة (حسن العدل وقبح الظلم ) قد اخذ في موضوعها عنوان الظلم الذي هو سلب ذي الحق حقه .
وهذا يعني اننا في المرتبة السابقة لا بد من افتراض وتحديد ما هو حق الامر على المامور وعلى ما ذكرنها في جواب الدليل الاول (( لا بد من تحديد حق الطاعة للامر المولى )) لكي نفترض ان مخالفته تعتبر سلبا لحقه .

وهنا احتمالان :
الاحتمال الاول :
ان اريد بالدليل الثاني اثبات افتراض وتحديد حق الامر على المامور بنفس قاعدة قبح الظلم فانه دور والدور باطل .
لاننا قلنا ان حق الامر داخل في معنى الظلم الداخل في قاعدة قبح الظلم فاذا اردنا اثبات حق الامر على المامور بقبح الظلم يستلزم الدور لان :
ا- قبح الظلم يعتمد على معرفة حق الامر
ب- وحق الامر داخل في معنى الظلم
ج- ومعنى الظلم داخل في قاعدة قبح الظلم .

وكأن القاعدة تعتمد على القاعدة وهو دور واضح وهو باطل يوجد تفصيل اكثر لكن نحن نشير الى ذلك اجمالاً .

الاحتمال الثاني :
ان اريد اثبات افتراض وتحديد حق الامر على المامور بعد الفراغ عن ثبوت حق الطاعة والمولوية على العبد ,فهو تحصيل  للحاصل  ولغو فهو قبيح .
لاننا بعد ان فرغنا عن ثبوت حق الطاعة ودائرة حق الطاعة والمولوية على العبد فالحديث بعد هذا بحق الامر وهو من تحصيل الحاصل وهو لغو فهو قبيح
النتيجة
ان اقحام قاعدة قبح الظلم لا ثمرة فيه لان القطع بالتكليف متحقق وهو الصغرى والكبرى ايضا متحققة وهي مولوية المولى او حق  طاعة المولى ,ولان النتيجة التي هي المنجزية والحجية المترتبة على المقدمتين متحققة فلا حاجة لقاعدة قبح الظلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق