الجمعة، 27 مايو 2016

موضوع علم الاصول (القسم الثالث) السيد الخوئي ينقض وجود موضوع لكل علم بعلم الفقه

السيد الخوئي ابطل دعوى (ضرورة وجود موضوع واحد في كل علم ) بدليل النقض ببعض العلوم كعلم الفقه , حيث بين انه لا يعقل افتراض وتصور وجود موضوع واحد جامع بين موضوعات مسائله , وذلك لاحد امرين :

الامر الاول : جعلية واعتبارية المحمولات والمسائل
ان محمولات مسائل الفقه ومسائله من القضايا الجعلية الاعتبارية فلا يعقل في حقها جامع حقيقي .
وهذا يعني ان السيد الخوئي يريد ان يشير الى اننا لو سلمنا ان الغرض واحد , لكن لا نستطيع تصور الواحد في العلة (السبب , المؤثر) لان المسائل متباينة لتباين المحمولات ومعه لا نستطيع ان نتصور جامعاً حقيقياً بين المسائل وبهذا لا يوجد موضوع واحد على نحو الجامع الذاتي الحقيقي لموضوعات مسائل علم الفقه ولا يوجد محمول واحد على نحو الجامع الذاتي الحقيقي لمحمولات مسائل علم الفقه ولا يوجد قضية كلية تجمع مسائل علم الفقه وذلك لانها من الامور والقضايا الجعلية الاعتبارية حيث ذكر السيد الخوئي في المحاضرات /ج1/16-21 ((الجهة الاولى : قي مدرك مالتزم به المشهور من لزوم الموضوع في كل علم ...
ويرد عليه: اولا:....... وثانيا:.........
وثالثاً: ان المحمولات التي تترتب عليها مسائل علم الفقه بأجمعها ...من الامور الاعتبارية التي لا واقع لها عدا اعتبار من بيده الاعتبار , فان محمولات مسائل علم الفقه على قسمين
احدهما : الاحكام التكليفية , كالوجوب والحرمة والاباحة والكراهة والاستحباب
والاخر : الاحكام الوضعية : كالملكية والزوجية والرقية ونحوها
وكلتاهما ( الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية ) من الامور الاعتبارية التي لا وجود لها الا في الاعتبار ......

اذا عرفت ذلك فأقول : لو سلم ترتب الغرض الواحد على نفس مسائل العلم الواحد فلا يكاد يعقل ان يكشف عن جامع واحد مقولي بينها , ليقال ان ذلك الجامع الواحد يكشف عن جامع كذلك بين موضوعاتها بقاعدة السنخية والتطابق وضرورة انه كما لا يعقل وجود جامع مقولي بين الامر الاعتباري والامر التكويني , كذلك لا يعقل وجوده بين امرين اعتبارين او امور اعتبارية , فانه لو كان بينهما جامع لكان من سنخها لا من سنخ الامر المقولي , فلا كاشف عن امر وحداني مؤثر في الغرض الواحد فان التأثير والتأثر انما يكونان في الاشياء المتأصلة , كالمقولات الواقعية من الجواهر والاعراض ))
اي ان قاعدة الواحد لا يصدر الا من واحد تنطبق فقط في الامور المتأصلة (المقولية الواقعية ) لا في الامور الاعتبارية

الامر الثاني : تباين وتنافر الموضوعات
ان موضوعات مسائل علم الفقه من مقولات متباينة ومتنافرة احياناً فلا يعقل ان يكون بينها جامع ذاتي
حيث ذكر السيد الخوئي في المحاضرات /ج1/21(( ورابعاً : ان موضوعات مسائل علم الفقه على انحاء مختلفة :
فبعضها من مقولة الجوهر : كالماء والدم والمني وغير ذلك ,
ونحو من مقولة الوضع : كالقيام والركوع والسجود واشباه ذلك ,
وثالث  من مقولة الكيف المسموع : كالقراءة في الصلاة ونحوها
ورابع : من الامور العدمية : كالتروك في بابي الصوم والحج وغيرها .
وقد برهن في محله انه لا يعقل وجود جامع ذاتي بين المقولات كالجواهر والاعراض لانها اجناس عالية ومتباينات بتمام الذات والحقيقة فلا اشتراك اصلا بين مقولة الجوهر مع شيء من المقولات العرضية ولا بين كل واحدة منها (من المقولات العرضية ) مع الاخرى واذا لم يعقل تحقق جامع مقولي بينها فكيف بين الوجود والعدم ؟
وعليه لا ضرورة في وجود موضوع لكل علم .

دفع النقض
تدفع مناقشة السيد الخوئي بالقول :
أ- بالنسبة للامر الاول من الجعلية والاعتبارية فجوابه ان الاحكام الشرعية فيها لحاظان :
الاول : لحاظ المعتبر والمنشأ
ان الاحكام الشرعية بلحاظ المعتبر والمنشأ فهي اعتبارية .
وتوضيح ذلك انه في مرحلة الجعل (الحكم الشرعي) يوجد ملاك وارادة واعتبار والملاك والارادة تبرز بصيغة معينة ( بلفظ , انشاء , عبارة , جملة , مبرز) فاذا كان الكلام في المعتبر والمنشأ ( اللفظ , لانشاء , العبارة , الجملة , المبرز, التعبير)
فنقول : بان الاحكام الشرعية بلحاظ المعتبر والمنشأ فهي اعتبارية
وان الاحكام الشرعية بهذا اللحاظ لا تكون مورداً لحكم العقل بحق الطاعة والعبودية ولا تدفع نحو امتثال الحكم .
وفي هذا البيان انتقلنا خطوة من الاعتبار الى المبرز والا اذا كان الكلام بالدقة فالامر الى نفس الاعتبار وهو بما هو معتبر ومنشأ يكون امرا اعتباريا جعليا بيد الشارع رفعه او وضعه ولا حقيقى له في عالم الواقع .
وعليه بناء على هذا اللحاظ يكون كلام السيد الخوئي ونقضه تام

الثاني : بلحاظ الاعتبار ومبادى الحكم ( الملاك والارادة والاعتبار )
وهو المقصود في المقام : بان الاحكام الشرعية بلحاظ الاعتبار ومبادى الحكم فهي حقيقية لانها من مقولة الكيف النفساني .
وان الاحكام الشرعية بهذا اللحاظ والاعتبار تكون موردا لحكم العقل بحق الطاعة والعبودية , وهذا الحكم العقلي (حق الطاعة والعبودية ) هو الغرض الملحوظ في علم الفقه اي ان الغرض الملحوظ في علم الفقه هو تطبيق لحكم العقل في اطاعة المولى وتطبيق العبودية الحقة لله سبحانه وتعالى , لا ان الغرض الملحوظ في علم الفقه هو المسائل الاعتبارية
وعليه لا يتم ماذكره السيد الخوئي في الامر الاول من ( ان مسائل وقضايا علم الفقه قضايا اعتبارية فلا يعقل في حقها جامع حقيقي) , لاننا اثبتنا انها قضايا حقيقية وليست اعتبارية باعتبار ان المولى يتصور المصلحة ويصدق بها ويريدها وبعد ذلك يشتاق اليها ويرغب فيها ثم يعتبرها اي ان المولى يؤسس ويعتبر في داخله وفي فكره ونفسه وقلبه معان للملاك والارادة حتى يبرز بها الملاك والارادة والفائدة وكل هذه الامور هي حقيقية لا اعتبارية .

ب- اما بالنسبة للامر الثاني الذي ذكره السيد الخوئي من تنافر وتباين الموضوعات فجوابه :
بان الامر فيه خلط بين مرحلة التدوين والعلم والتعلم وبين مرحلة الذات والواقع فنقول ان الموضوع الواحد لكل علم يراد به وجود محور واحد تدور حوله كل بحوث العلم الواحد فمثلا الموضوع العام الجامع الواحد المقولي الذاتي الذي تدور حوله بحوث علم الفقه انما هو الحكم الشرعي ويكون البحث في المسائل الفقهية عن تعينات الحكم الشرعي وتمثله في وجوبات او حرمات والخ...
اي ان الموضوع العام الكلي (الجامع الذاتي المقولي) في علم الفقه هو الحكم الشرعي وهذا الموضوع له تطبيقات ( تعيينات , تعينات , تحصيصات , تحصصات , تخصصات الحكم الشرعي ) هو ان يتمثلوينطبق مرة على وجوب واخرى يتمثل وينطبق على حرمة وثالثة على مستحب ورابعة على كراهة وهكذا تكون له الكثير من التطبيقات والتحصيصات والافراد .

ومن خلال ما تقدم يتبين بعد تصور وجود الموضوع ووحدته عدم تمامية الامرين اللذين ذكرهما السيد الخوئي .
وبهذا يثبت ان القول الثاني الذي تبناه السيد الخوئي وهو لا ضرورة في وجود موضوع لكل علم غير تام , لان صاحب هذا القول عليه ان يبطل ادلة وبراهين القول الاول وبعد ذلك يثبت ما يذكره ويتبناه من القول .
ومن الواضح ان اوضح ما طرح من دليل على القول الثاني (ضمن هذه المرحلة) هو النقض الذي سجله السيد الخوئي على اصحاب القول الاول , وفي الوقت نفسه هو اثبات لما يتبناه من قول ثان باعتبار ان الوقوع خير دليل على الاثبات لذلك نقض السيد الخوئي على القول الاول بعلم الفقه والاصول وهذا خير اثبات للقول الثاني وهو لا ضرورة في وجود موضوع لكل علم
لكننا ابطلنا ذلك اي ابطلنا القول الثاني وبهذا نقول بتمامية القول الاول وهو ضرورة وجود موضوع لكل علم لكن لا نتمسك بالادلة التي طرحت على القول الاول ( الدليل الاول والثاني ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق