الخميس، 7 يوليو 2016

موضوع علم الاصول مع المحقق العراقي في انواع العروض (القسم السادس)

اعترض المحقق العراقي على تعريف المشهور بما حاصله :
ان الاوصاف ( الاعراض ) المنتسبة الى شيء تتصور على احدى صور :

الاولى: الذاتي (( في كتاب الكليات الخمسة (الايساغوجي)))
والتي هي الجنس والفصل والنوع والخاصة والعرض العام وتسمية هذه الصورة بالعرض الذاتي تكون على نحو المسامحة .
وفي هذه الصورة يكون العرض الوصف منتزعاً عن مرحلة ذات الشيء فيوصف الشيء بالعرض الوصف باعتبار العرض جزءا من الشيء ووصفا داخليا له .
مثال :
اتصاف الانسان (الشيء) بالنطق(العرض او الوصف) فيقال : الانسان ناطق 

الثانية : الذاتي( في كتاب البرهان )
يكون العرض (الوصف) منتزعاً عن امر خارج عن ذات الشيء ولكن هذا الامر من اقتضاءات وملازمات ومقارنات الذات ( ذات الشيء) بحيث ان ثبوت ذات الشيء يكفي وحده لاتصاف الشيء بالعرض بلا حاجة الى جهة خارجية (واسطة ) اي وجود الذات يقتضي وجود الشيء بالرغم من ان الشيء ليس من ذات الشيء (ذات الذات ) ولا جزء من الشيء ( الذات ) ولكنه من اقتضاءات الذات فاذا وجد الشيء ( الامر الخارجي) او اذا وجد الامر الخارجي وجدت الذات وهذه الصورة من العوارض الذاتية لانه لا واسطة فيها .
مثال :
اتصاف النار (الشيء) بالحرارة (العرض او الوصف) فيقال النار حارة .
فان وجود النار يستلزم وجود الحرارة او وجود النار يقتضي وجود الحرارة لكن الحرارة لا تدخل في تعريف النار وحقيقتها وذاتها , فالحرارة ليست من اجزاء النار بل هي شيء خارج عن النار فكما ان الماء له تعريف وحقيقة وجنس وفصل وتعرض الحرارة عليه ويكون الماء حارا فهل تدخل الحرارة في تعريف الماء ؟


الثالثة : بواسطة خارجية تعليلية ( الواسطة الثبوتية ) 
يكون العرض (الوصف) عارضا على ذات الشيء بواسطة امر خارج عن ذات الشيء وتكون الواسطة (الامر الخارجي) واسطة تعليلية , اي تقتضي ثبوت العرض لنفس الشيء فيكون الشيء هو المعروض لا الواسطة سواء كانت الواسطة اعم ام اخص ام مساوية ام مباينة .
بتعبير اخر :
في هذه الصورة يوجد :
1- ذات (شيء)
2- واسطة 
3- عرض( وصف)
والكلام في خطوات :
اولا: الوصف يكون عارضا بواسطة امر خارج عن ذات الشيء ,اي ليس من ذات الشيء ولا ان ذات الشيء كافي في الاتصاف وفي العروض .

ثانيا: وانما نحتاج الة واسطة خارجية لان الواسطة هي امر خارجي لذلك قلنا يكون العرض او الوصف عارضا بواسطة امر خارجي عن ذات الشيء .

ثالثا: وتكون الواسطة واسطة تعليلية , اي تقتضي ثبوت العرض لنفس الشيء , وهذا الكلام يستبطن انها لا تقتضي ثبوت العرض لذاتها .
وهذا يعني ان الواسطة التعليلية علة في اتصاف الذات بالعرض , وهي لا توصف بالعرض اي ليست المعروض للعرض وانما المعروض للعرض هو الذات (الشيء) واذا وصفت فتكون على نحو المجاز والتسامح او التبع .

رابعاً: فيكون المعروض هو الشيء (الذات ) لا الواسطة والواسطة عملها ووظيفتها ثبوت العرض لنفس الشيء ( لذي الواسطة ) كسيارة الحمل فانها تحمل وتنقل الشيء من جهة الى جهة اخرى وبعد ان توصل البضاعة الى الجهة الثانية وتجعلها في المخزن مثلا ينتفي دور السيارة .

مثال الصورة الثالثة : اتصاف الماء (الشيء,الذات, ذو الواسطة ) بالحرارة (العرض, الوصف) بواسطة المجاورة التي هي ( واسطة تعليلية , ثبوتية )

الرابعة : بواسطة خارجية تقييدية ( واسطة في العروض) 

وفرق هذه الصورة عن الصورة السابقة انه في السابقة كانت الواسطة تعليلية عملها ووظيفتها انها تكون واسطة في عروض العرض والوصف على الذات ( ذي الواسطة ) فقط ولا يعرض عليها العرض والوصف .
اما هذه الصورة فالواسطة تقيدية وهي واسطة في عروض العرض والوصف على المعروض ( ذي الواسطة ) لكن يشترط فيها ان تكون هي المعروض اي يشترط فيها ان يعرض عليها الوصف والعرض اولا وبالذات وبعد ذلك يكون العروض على ذي الواسطة ( الشيء) فعروض العرض والوصف على ذي الواسطة مقيد بوجود الواسطة وبعروض العرض والوصف على الواسطة .
والكلام في الصورة الرابعة يكون بعدة خطوات :
1- يكون العرض ( الوصف) عارضا بواسطة امر خارج عن ذات الشيء ونقصد بذات الشيء ( ذي الواسطة) هو الذي يعرض عليه العرض والوصف فهو المعروض الذي يسمى بالمعرض الذي تعرض فيه الاشياء حسب المصطلحات التي تستعمل .
وفي هذه الخطوة عندما نقول بواسطة امر خارج عن ذات الشيء فلا نتصور ( حسب المثال المذكور ) بأن الواسطة هي الجنس او الفصل ولا نتصور ان الواسطة الحيوان او الناطق لان الجنس او الفصل او الحيوان او الناطق كل منها هو جزء او امر داخل وليس جزءا خارجياً.
2- يكون الشيء ( ذو الواسطة ) جزءا تحليليا من الواسطة ومثال ذلك كما ذكرنا
الانسان = حيوان +ناطق
النوع=الجنس+الفصل
فالجنس هو جزء تحليلي من النوع والفصل هو جزء تحليلي من النوع .
وفي مثال الانسان يكون الحيوان هو جزء تحليلي من الانسان وناطق هو جزء تحليلي من الانسان اي الجنس جزء تحليلي داخلي من النوع وداخل فيه , والفصل هو جزء تحليلي داخلي في النوع وداخل فيه .
ونفس الكلام في الحيوان فهو جزء تحليلي داخلي في الانسان وداخل في الانسان والناطق هو جزء تحليلي داخلي في الانسان وداخل في الانسان
اذا عرفت هذا فنقول هل النوع (الانسان) داخل في الجنس ؟ وهل النوع ( الانسان ) داخل في الفصل ؟
والجواب هو النفي لان المعادلة الرياضية التي طرحت هي :
الانسان =حيوان +ناطق
فكل من حيوان وناطق هو جزء من الانسان فهو داخل في الانسان اما الانسان حسب المعادلة فهو ليس جزء من الحيوان لان الانسان هو في طرف يساوي جزئين وهو الحيوان والناطق .

الخامسة : بواسطة داخلية تقييدية 
نفس الكلام المتقدم في الصورة الرابعة ياتي هنا مع ملاحظة الفرق بين الداخلية والخارجية فالكلام في عدة خطوات :-
1- يكون العرض(الوصف) عارضا بواسطة امر داخل في ذات الشيء وفي مثال (الانسان) =(الحيوان)+(ناطق)
يكون الواسطة هو الحيوان او الناطق اي ( الطرف الثاني) لان الكلام في امر داخلي والانسان ليس داخلا في الحيوان ولا في الناطق , بل الناطق داخل في الانسان لانه جزء تحليلي فهو داخل في الانسان , والحيوان داخل في الانسان لانه جزء تحليلي فهو داخل في الانسان هذا بلحاظ المعادلة
الانسان= الحيوان + ناطق
2- تكون الواسطة ( الامر الداخل ) جزءاً تحليلياًمن الشيء ( ذي الواسطة ) .
3- تكون الواسطة ( الامر الداخل) واسطة تقييدية اي تكون الواسطة هي المعروضة للعرض (الوصف) حقيقية وبالاستقلال
4- لكن لا يكون (ذو الواسطة او الشيء ) معروضا للوصف اي ان العرض او الوصف لا يعرض الشيء ( ذا الواسطة) لا استقلالاً ولا ضمناً لان ما يعرض الجزء لا يعرض الكل
مثال : اتصاف النوع ( الشيء, ذو الواسطة ) بالعرض (الوصف) بواسطة الجنس وهذه الواسطة (الجنس) واسطة تقييدية داخلية.
النوع(الانسان)= الجنس( حيوان) + الفصل( ناطق)
8=5+3
اذا ضربنا الجنس في (2) اي(5*2) فان بقاء المساواة في المعادلة لا يستلزم ضرب النوع في (2) لاننا اذا ضربنا الجنس في 2 يكون المجموع =10 اي 5*2
وايضا لو ضربنا النوع في 2 يكون المجموع =16 اي 8*2 فالطرف الاول النوع =16 والطرف الثاني(الجنس والفصل) = 13 اي 10 +3 فالطرف الاول لا يساوي الطرف الثاني
بعبارة اخرى اذا ضربنا الجنس في (2) اي( 5*2) فانه  لا يستلزم ضرورة ضرب النوع في 2 كي تبقى نسبة المساواة
والفرق بين الصورة الخامسة والرابعة من جهة وبين الصورة السادسة والسابعة من جهة اخرى هو ان الواسطة في الصورة الخامسة والرابعة كانت تقييدية ومرة تكون داخلية واخرى تكون خارجية , لكن يوجد نسبة اخص او اعم بين الواسطة وذي الواسطة اما في الصورة السادسة والسابعة (كما سياتي) فلا توجد هذه النسبة وانما النسبة بين الواسطة وذي الواسطة هي التباين والتباين تارة يكون في الذات والوجود معا واخرى يكون في الذات فقط دون الوجود .

السادسة: بواسطة تقييدية مباينة ( ذاتا لا وجوداً)
والكلام في عدة خطوات :
1- يكون العرض ( الوصف) عارضا بواسطة امر مباين .
2- ويكون التباين بحسب الذات وعالم التحليل لا بحسب الوجود لانه في الوجود يمكن ان يكون بينهما نسبة معينة وكما في المثال المتقدم .
الانسان = حيوان + ناطق
النوع=الجنس + الفصل
فالجنس جزء من النوع والفصل جزء من النوع وكذلك الحيوان جزء من الانسان والناطق جزء من الانسان وكل جزء يتميز عن الجزء الاخر وله استقلالية لانه لو كان بينهما تداخل لكان الاعم الاكبر هو الجزء والجزء الاخر داخل ضمنه .
واذا كان بين الجزئين تمايز فانه لا يكون بينهما تمايز الا مع وجود تباين بين الجزئين فعندما نقول الانسان حيوان ناطق فالحيوان يباين الناطق وعندما نقول النوع يساوي الجنس زائدا الفصل فالجنس يباين النوع في عالم التحليل والذات لا في عالم الخارج والوجود .
فالحيوان والناطق في عالم الوجود والخارج اي بلحاظ الحمل الشايع تكون بينهما نسبة العموم المطلق اي الحيوان اعم مطلقا من الناطق والناطق اخص من الحيوان .
ولكن الكلام في عالم الذات والتحليل اي بلحاظ الحمل الاولي ففي عالم الذات والتحليل الناطق يباين الحيوان والفصل يباين الجنس .
ومن الواضح ان الكلام اذا كان في واسطة تقييدية مباينة فانه لا نقول داخلية او خارجية لاننا لا نتصور في المباينة الداخلية او الخارجية .
مثال الصورة السادسة : الجنس ( الحيوان) يباين الفصل ( الناطق) بحسب الذات والتحليل .
والجنس لا يباين الفصل بحسب الوجود اي يوجد بينهما نسبة العموم والخصوص المطلق او خصوص وعموم من وجه وليس تباين .
اتصاف الجنس ( الشيء ذو الواسطة ) بالعرض ( الوصف) بواسطة الفصل ( واسطة تقيدية مباينة) مثل اتصاف الحيوان بانه مدرك الكليات بواسطة الناطق فالناطق يباين الحيوان ومدرك الكليات يعرض الناطق حقيقة وبالاستقلال وببركة وبشفاعة وبوظيفة هذه الواسطة ( الناطق) يتصف الحيوان ايضا بانه مدرك الكليات .

السابعة : بواسطة تقييدية مباينة ( ذاتا ووجوداً )
والكلام في خطوات :-
1- يكون العرض ( الوصف) عارضا بواسطة امر مباين
2- يكون التباين بين الواسطة وذي الواسطة من التباين بالذات والتحليل والوجود اي تباين بالذات والتحليل وتباين بالوجود .
مثال : اتصاف الجسم ( الشيء ذي الواسطة ) بالسرعة وهي ( العرض الوصف) بواسطة الحركة ( واسطة تقييدية مباينة ) فالجسم يباين الحركة في الذات والتحليل وفي الوجود فان الحركة بالحقيقة والاستقلال هي الموصوفة بالسرعة او بالبطء فنقول حركة سريعة وحركة بطيئة اما الجسم فهو لا يوصف حقيقة بانه سريع او انه بطيء .
فاتصاف الجسم بالسرعة او بالبطء هو بواسطة الحركة فالحركة هي واسطة تقييدية مباينة لان النسبة بين الحركة وبين الجسم هي التباين فالجسم يباين الحركة في الذات وفي عالم التحليل وفي الوجود .

اشار العراقي الى ان تقسيم العرض الى عرض ذاتي وعرض غريب يكون بلحاظين :
الاول : لحاظ صحة الحمل والاسناد الحقيقيين 
اي من الجانب اللغوي او من الجانب العرفي هل يصح حمل هذا على هذا ؟ وهل ان هذا هو حقيقي او مجازي او اعتباري وعنائي وتنزلي ؟
فاذا كان الحمل وكان الاسناد هو حمل حقيقي واسناد حقيقي وحسب القوانين اللغوية والعرفية العامة فاذا صح الحمل والاسناد الحقيقيان كان من العرض الذاتي اما اذا لم يصح الحمل والاسناد الحقيقيان فهو من العرض الغريب .
وعلى هذا اللحاظ تكون الصور الست الاولى كلها من العرض الذاتي وذلك لصحة الحمل والاسناد الحقيقي فيها , ام الصورة السابعة الاخيرة فهي من العرض الغريب وذلك لان الاسناد والحمل فيها ليس حقيقيا ففي المثال فان اسناد السرعة والبطء الى الجسم ليس حقيقيا وهذا الكلام يعتبر رداً على تعريف المشهور لو سلمنا بان المشهور يبني على هذا التقسيم اي يلاحظ صحة الحمل والاسناد الحقيقي وقد اخذه في مناط التقسيم والصور في العرض والعروض فانه ياتي الاشكال بأننا نسلم مع المشهور بأنه في الصورة الاولى والثانية ان العرض ذاتي لانه يعرض بلا واسطة
اما في الصورة الثالثة والرابعة  والخامسة والسادسة فقد يوجد اشكال على تعريف المشهور المذكور لان الصورة الثالثة ( الحيثية التعليلية ) بناء على هذا التقسيم تكون من العرض الذاتي وهذا يشمل الواسطة التعليلية الاعم والاخص والمباينة بينما التعريف يقول فقط اذا كانت الواسطة مساوية ونفس الكلام في الصورة الرابعة  يشمل غير المساوية ايضا وفي الخامسة الواسطة غير مساوية وكذلك في السادسة ايضا .
الثاني: لحاظ صحة الاتصاف والعروض الحقيقي
بمعنى انه هل فعلا هذا العرض يعرض هذا الشيء او انه يعرض الواسطة ولا يعرض الشيء؟ وهل يعرض هذا الشيء بالاستقلال او يعرضه بالضمن ؟ لانه يعرض الواسطة وهذا جزء من الواسطة فهو يعرض هذا الجزء بالضمن او ان العرض لا يعرض هذا الشيء وانما فقط يعرض الواسطة .
ومعلوم ان صحة الحمل غير صحة الاتصاف والعروض لانه يصح الحمل والاسناد الحقيقي لكن لا يصح الاتصاف والعروض الحقيقي .
وعلى هذا اللحاظ :
أ- تكون الصور الثلاث الاولى (1,2,3) من العرض الذاتي وذلك لان الموضوع ( الشيء ذا الواسطة ) هو المعروض (الموصوف) الحقيقي للوصف.
ب-تكون الصور الثلاث الاخيرة (5,6,7) من العرض الغريب وذلك لان الاوصاف ( الاعراض) فيها ليس عارضة حقيقية على الشيء ( ذي الواسطة) بل هي عارضة على الواسطة حقيقة وليس على ذي الواسطة

والمتحصل : ان المحقق العراقي يعتبر الصور الثلاثة الاولى فقط من العرض الذاتي اما الصور الاربع الاخيرة فهي من العرض الغريب
وبهذا يكون المحقق العراقي قد ابطل ما اشتهر بين المحققين من ان ( العرض الذاتي : هو ما يعرض بلا واسطة او مع واسطة مساوية ) فاعتبر هذا التعريف غير جامع وغير مانع
فهو غير جامع : لانه لا يشمل العديد من حصص الصورة الثالثة فالواسطة اذا كانت خارجية تعليلية (واسطة ثبوتية) فالعرض الذاتي سواء كانت الواسطة اعم ام اخص ام مبانية ام مساوية .فالتعريف (للمشهور) يشمل فقط حصة واحدة وهي في حالة كون الواسطة مساوية ولا يشمل الحصص الاخرى وهي في حالة كون الواسطة اعم او اخص او مباينة .

غير مانع: لان تعريف المشهور يشمل بعض الحصص من الصورة الرابعة او الخامسة فالواسطة اذا كانت تقييدية فالعرض غريب حتى لو كانت الواسطة مساوية فتعريف المشهور يشمل بعض حصص صور الواسطة التقييدية وهي فيما اذا كانت الواسطة تقيدية وكانت مساوية فيكون من العرض الذاتي اما المحقق العراقي وحسب ما استظهره من كلام المشهور فيعتبر هذه الحصص من العرض الغريب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق