الثلاثاء، 26 يوليو 2016

التخطئة والتصويب

الكلام في مقدمتين :
1- عرفنا ان الاحكام الواقعية تشمل العالم والجاهل
2- وعرفنا ان الاحكام الظاهرية مختصة بالجاهل (اي الجاهل بالحكم الشرعي الواقعي ) اي يرجع اليها المكلف في موارد الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية .
ويترتب على ذلك القول :
ان الاحكام الظاهرية (الامارات ((الحجج)))والاصول العملية ) التي يتبعها الجاهل ويعمل على طبقها قد تصيب الحكم الواقعي وقد لا تصيب الحكم الواقعي باعتبار اننا ذكرنا ان المكلف الجاهل او الشاك بالحكم الواقعي يسلك طريق الاحكام الظاهرية ويمتثل الاحكام الظاهرية , وعند امتثاله للاحكام الظاهرية تارة يصيب لواق وتارة  يصيب الواقع :
أ- في حالة اصابة الحكم الظاهري للحكم الواقعي فلا اشكال
وسياتي الكلام في اجتماع الحكم الظاهري والواقعي وهل يرجع الى وجود التضاد او اجتماع المثلين وهل فيه استحالة او لا ؟

ب- في حالة عدم اصابة الحكم الظاهري للحكم الواقعي , فانه يرد اشكال مفاده ان المكلف الشاك الذي اطاع وامتثل الحكم الظاهري لكنه وحسب الفرض لم يصب ولم يطع ولم يمتثل الحكم الواقعي فهل يعتبر هذا المكلف عاصياً وغير ممتثل للامر ؟ وهل يحاسب ويعاقب لانه لم يمتثل الحكم الواقعي ؟

الجواب
بالاتفاق على عدم المحاسبة والمعاقبة على مخالفة الحكم الواقعي في هذه الحالة علما بان الحكم الواقعي يشمل الشخص الذي عصى الحكم الواقعي لكن لا يحاسب ولا يعاقب وهذا ما اتفق عليه جميع العلماء .
لكن وقع الخلاف بين العلماء في تفسير ذلك وهنا اقوال :
الاول: التخطئة 
ان لله تعالى احكاما واقعية ثابته سواء اصاب الحكم الظاهري الحكم الواقعي ام خالفه ,وكذلك له احكام ظاهرية ثابته ايضا حيث جعلها حجة .وفي حالة عدم اصابة الحكم الظاهري للحكم الواقعي فان المكلف الشاك يكون قد اخطا وانه لم يمتثل الحكم الواقعي , لكن الشارع المقدس اعتبر هذا الخطا مغتفرا ولا عقوبة عليه .
الثاني : التصويب 
ان الله تعالى ليس له احكام واقعية ابتداء ومن حيث الاساس وانما ينشأ الحكم تبعا للدليل او الاصل ومعنى هذا انه لا يوجد حكم قبل الحكم الظاهري (الدليل والاصل) اي قبل الامارة والحجة لا يوجد دليل وبصورة ادق لا يوجد حكم واقعي وانما الحكم الواقعي هو ما يتوصل اليه العالم (الفقيه او المجتهد) فان اجتهد واستنبط الحكم في هذه المسالة كان حراما فالحكم الواقعي هو الحرمة , وان اتى واجتهد واستنبط الحكم واثبت الوجوب صار الحكم لنفس الواقعة هو الوجوب فاصحاب هذا القول يصوبون ويصححون الحكم الشرعي على اساس راي المجتهد والعالم .
عليه يقال بعدم تمامية تقسيم الاحكام الى واقعية وظاهرية وذلك :
لان الثابت دائما هو الحكم الواقعي سواء دل عليه دليل محرز ام دليل اصل عملي .
الرد على القول بالتصويب \\
بان هذا القول باطل فالادلة والاصول جعلت وجاءت لتخبرنا عن حكم الله تعالى لتحدد موقفنا تجاه الحكم فكيف تفترض انه لا حكم لله تعالى من الاساس ؟
بعبارة اخرى :
ان الادلة والاصول العملية جاءت للكشف والاخبار عن حكم الله ولم تات لجعل حكم الله اي هي مبرزة للحكم وتكشف عن وجود حكم حتى نحدد الموقف اتجاه الحكم ,فكيف نفرض انه لا حكم لله تعالى من الاساس والحكم ينشا من هذا الدليل او من ذاك الدليل .
اذن الدليل هو كاشف عن وجود حكم ووجود الحكم في مرتبة سابقة على الدليل وعن كشف الدليل المحرز والاصل العملي , فالحكم يسبق والدليل والاصل العملي يكشفان ويخبران عنه .

الثالث :التصويب المخفف 
الكلام في خطوات :
الخطوة الاولى : ان لله تاعلى احكاما واقعية ثابته ابتداء ومن الاساس .
الخطوة الثانية : لكن تلك الاحكام الواقعية مقيدة بعدم قيام الحجة على خلافها ( وعلى نحو المسامحة وللتوضيح والبيان نقول : مقيدة بعدم قيام الح الظاهري على خلافها ).
الخطوة الثالثة : وفي الدقة والحقيقة ان هذا القول الثالث لا يتضمن الحكم الظاهري بل فيه الحكم الواقعي دائما سواء للعالم ام الجاهل .
الخطوة الرابعة : فاذا قامت الحجة (الحكم الظاهري) على خلافها اي على خلاف الاحكام الواقعية ,تبدلت تلك الاحكام واستقرت الى ما قامت عليه فصار الحكم الذي قامت عليه الحجة (الحكم الظاهري) هو الحكم الواقعي بالنسبة للجاهلين اللذين قامت الحجة عندم على ذلك .
وهذا يعني انه يوجد قسمان من الاحكام :
الاول : قسم مختص بالعالم , والجاهل الذي قامت الحجة عنده على طبق ووفق الحكم الواقعي (وهذا الجاهل بمثابة العالم) بتعبير اخر هذا القسم مختص باعالم ومختص بالجاهل الذي اتبع الحجة (او الحكم الظاهري تسامحاً  الذي اصاب الحكم الواقعي ) وهذا الجاهل بمثابة العالم ايضا اذن يمكن ان نقول ان هذا القسم الاول مختص بالعالم .
الثاني : قسم مختص بالجاهل , في حالة عدم اصابة الحجة (الحكم الظاهري) للحكم الواقعي وفرق القول الثالث عن القول الثاني انه في القول الثاني (التصويب) لا توجد احكام اصلا وانما يوجد الحكم الواقعي على اساس ما يتوصل اليه المجتهد , بينما في القول الثالث (التصويب المخفف ) يوجد حكم واقعي عند الله لكن هنا ايضا يصوب الحكم الواقعي يصحح اي يمحى ذلك الحكم ويتبدل يصير على ما يتوصل اليه الجتهد .

الرد على القول بالتصويب المخفف\\
ان هذا القول مخالف لظواهر الادلة الدالة على اشتراك العالم والجاهل في الاحكام الواقعية اي مخالف للادلة المستفيضة او لاطلاقات ادلة الاحكام التي تقول بان الاحكام الواقعية تشمل العالم والجاهل , والقول بالتصويب المخفف الذي قسم لنا بعض الاحكام مختصة بالجهال والاخرى بالعالم فن هذا خلاف الاطلاقات وخلاف ظواهر الادلة التي ذكرت سابقا .
وان الهتعالى سياتي لاحقا التعليق على القول الاول مع البيان والتوضيح .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق