الخميس، 18 أغسطس 2016

اشكال صاحب الكفاية (التفصيل بين الامارات والاصول المنقحة للموضوع )

ان الكلام الذي ذكرناه غير تام في كل الاحكام الظاهرية , بل يوجد بعض التفصيل بين (الامارات وبعض الاصول العملية ) وبين (الاصول العملية الاخرى ,وهي الاصول المنقحة) للموضوع حيث ذكر صاحب الكفاية :
ان (الحكم الظاهري لا يتصرف في الحكم الواقعي ) فهو كلام تام في الامارات وبعض الاصول العملية لكنه لا يتم في الاصول المنقحة للموضوع باعتبار ان الاصول المنقحة للموضوع تتصرف وتوسع دائرة الحكم الواقعي المترتب على ذلك الموضوع وتفصيل ذلك :

أ- اما الاصول / فان بعض الاحكام الظاهرية كالاصول العملية التي تجري في الشبهات الموضوعية ,فانها تتصرف في الحكم الواقعي .
مثلا :الحكم الظاهري (اصلة الطهارة) تتصرف في الحكم الواقعي (شرطية الثوب الطاهر في الصلاة ) او ( يشترط طهارة الثوب في الصلاة ) وهذا الحكم لشرطية الثوب الطاهر للصلاة هو حكم واقعي فاصالة الطهارة تتصرف وتوسع حكم شرطية الثوب الطاهر في الصلاة اي تتصرف وتوسع الحكم الواقعي الذي هو شرطية الثوب الطاهر في الصة , ويصبح حكم شرطية الثوب شاملاً للثوب المشكوك طهارته الذي تجري فيه اصالة الطهارة حتى لو كان الثوب نجسا  في الواقع ,اي ان اصالة الطهارة توسع حكم الشرطية بحيث يشمل الثوب المعلوم والطهارة ويشمل الثوب المشكوك الطهارة ايضا , لكن قام الاصل المحرز على طهارتها فعندما يثبت طهارة هذا الثوب باصالة الطهارة فلا يثبت طهارة هذا الثوب واقعاً اي لا يحصل العلم واليقين بطهارة هذاالثثوب بل يبقى الشك بالطهارة الواقعية للثوب ,نعم عندنا طهارة هذا الثوب بطهارة ظاهرية بهذا الحكم الظاهري .

ومعنى هذا ان اصالة الطهارة وسعت حكم الشرطية وكأنها بينت بأن حكم الشرطية لا يشمل فقط الثوب المعلوم الطهارة وانما يشمل الثوب المشكوك الطهارة اذا ثبتت طهارته الظاهرية بأصل منقح للموضوع اي بأصل محرز كما في المقام ,فينتج ان الصلاة في مثل هذا الثوب تكون صحيحة واقعاً ولا تجب اعادتها حسب القاعدة (المبينة اعلاه) وذلك لان الشرطية قد اتسع موضوعها وهذ نحو من التصويب .

ب- اما الامارات : فليس الامر كذلك لانه لو ثبت طهارة الثوب بالامارة فقط فلا تحصل توسعة لموضوع دليل الشرطية وذلك لان مفاد دليل حجية الامارة ليس هو عبارة عن جعل الحكم المماثل , بل ان مفاد دليل حجية الامارة جعل الطريقية والمنجزية جعل الامارة علما) فدليل الحجية بلسانه لا يوسع موضوع دليل الشرطية (اي غير ناظر الى موضوع دليل الشرطية ) وذلك :
اولا: لان موضوع دليل الشرطية هو الثوب الطاهر .
ثانيا: ولان دليل حجية الامارة لا يقول (هذا الثوب طاهر)
بل يقول هذا الثوب محرز الطهارة بالامارة اي بهذه النسبة الاحتمالية فانه طاهر واقعا لكن تبينت عدم اصابة الواقع فلا يثبت ان هذا الثوب طاهراً لا واقعا ولا تنزيلاً وعليه لا يكون دليل الحجية حاكماً على دليل الشرطية .
للتقريب والبيان نقول اننا ذكرنا في دفع اشكال التضاد ان النائيني يرفض كلية جعل الحكم المماثل وقال ان المسلك هو جعل الطريقية والكاشفية وهنا كأن صاحب الكفاية يريد ان يفصل :

1- في بعض الاصول العملية  وهي الاصول المنقحة للموضوع يكون المسلك هو جعل الحكم المماثل اي ان المولى حكم على هذا الثوب المشكوك الطهارة واقعا بحكم مماثل يماثل حكم الطهارة في الثياب الطاهرة واقعا ,اي جعل حكما مماثلا لهذا يماثل الحكم المطلوب في موضوع حكم الشرطية .

2- واما في الامارات وفي الاصول الاخرى فالمسلك هو الطريقية والكاشفية ففي الامارة اذا ثبتت طهارة الثوب بالامارة فالامارة لا تقول (هذا الثوب طاهر) وانما الامارة فيها كاشفية فاذا لم تصب الواقع انتفى الغرض والهدف والنتيجة المتوقعة من الامارة اي الامارة لاحراز الواقع وللكشف وللعلم بالواقع وهنا لم تصب الواقع اذن هو لم يحقق الموضوع لذلك فان الامارة لا تقول (هذا الثوب طاهر) وتنزله منزلة الواقع حتى لو كان في الواقع غير طاهر بل تقول ان هذا الثوب حسب الكشف وقوة الاحتمال اما اذا تبين الخلاف فان الاحتمال لم يصب .

اقول :
ان تفصيل صاحب الكفاية بين الامارات وبعض الاصول العملية من جهة وبين الاصول الموضوعية (اي الاصول المنقحة للموضوع) من جهة اخرى ,وان بناءه على ان الاصول الموضوعية توسع دائرة الحكم الواقعي المترتب على ذلك الموضوع وان الامارة لا توسع ذلك وان اعتماده على مسلك جعل الطريقية والمنجزية في الامارة دون الاصل .
فان كل ذلك من صاحب الكفاية غير تام وغير صحيح ,فالفرق بين الامارات والاصل ليس في الصياغة والاعتبار ,بل بلحاظ مبادى الحكم (الملاك والارادة) من حيث الاحتمال او المحتمل او الاحتمال والمحتمل معاً , وقد اشرنا الى ذلك سابقا وسياتي بعض التفصيل على الرد على ذلك ان شاء الله تعالى .

الخلاصة :
ان صاحب الكفاية يقول انه يوجد تصرف في الاحكام الواقعية بلحاظ الاصول المنقحة للموضوع اي حصل التصويب للحكم الواقعي وفي المثال المتقدم صار الحكم الواقعي على العالم هو طهارة الثوب الواقعية ,اما على الجاهل فقد توسع الموضوع اي توسع الحكم وذلك لان اصالة الطهارة تصرفت بالحكم فأصبح الحكم على الجاهل يشمل الطهارة الثابته بأصالة الطهارة ايضا وتسمى هذه الطهارة بالطهارة التنزيلية او الظاهرية او التعبدية ,وهذا يعني ان الحكم على الجاهل غير الحكم على العالم وهذا من التصويب المخفف وهو غير تام كما ذكرنا سابقا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق