الخميس، 15 سبتمبر 2016

مناقشة تعليق الهاشمي لمبنى السيد محمد باقر الصدر بخصوص الردع عن القطع

حيث انه (دام ظله) ينقل عن السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) في مباحث الحجج والاصول العملية /مبحث القطع / حجية القطع /ص33
( انه لا يمكن جعل حكم على خلاف الحكم المقطوع به ...... اما اذا كان القطع  بحكم ترخيصي واريد جعل حكم ظاهري الزامي فهذا الحكم اذا فرض نفسيا لزم التضاد وان فرض طريقيا هذا ايضا لا يعقل جعله , اما اذا كان القطع بحكم الزامي فمثل هذا الحكم الطريقي لا يمكن ان يكون مؤمنا ومعذرا للمكلف لان القاطع يرى ان قطعه يصيب الواقع دائماً ).

وفي تعليق الهاشمي وفي نفس المصدر على الكلام السابق قال :
( ليس هذا من باب ضيق الخناق بل من باب الاشتباه والتزاحم بين الملاكات بحسب نظر المولى وان شئت قلت ان مثل هذا الضيق للخناق لا يكون ادراكه رافعا لاثر الحكم الشرعي الظاهري بعد ان كان حكم العقل بالمنجزية تعلقيا دائما مشروط بعدم ترخيص من قبل المولى نفسه كما يشهد به الوجدان ) انتهى .

ويرد على كلام السيد الهاشمي عدة تعليقات نذكر منها :
التعليق الاول :
قوله : ( ......بعد ان كان حكم العقل بالمنجزية تعليقا دائما مشروط بعدم تخريص من قبل المولى نفسه كما يشهد به الوجدان ) .هذا غير تام وذلك لانه :
أ- اما وقع في الخلط والاشتباه في مورد الحكم المنكشف بالظن والاحتمال وبين مورد الحكم المنكشف بالقطع ,وحكم العقل التعليقي المشروط بعدم الترخيص فهو حكم مسلم به وتام بشهادة الوجدان في مورد انكشاف الحكم بالظن والاحتمال ولكنه لا يتم في مورد انكشاف الحكم بالقطع .
ب- واما ان قوله فيه مصادرة فان الكلام في المقام في الحكم الالزامي المقطوع به ,وانه هل يمكن ان يجعل المولى حكما ترخيصيا في مورد الحكم الالزامي المنكشف بالقطع ,ومع عدم امكان ذلك فانه يستحيل ان يكون الحكم المقطوع به مشروطا او معلقا على الترخيص .
او بعبارة اخرى : بدل الحكم المقطوع به نقول حكم العقل فتكون العبارة :
فانه يستحيل ان يكون حكم العقل بالمنجزية معلقا او مشروطا بعدم الترخيص من المولى اي يستحيل ان تكون منجزية القطع معلقة على عدم الترخيص .
اذن اصل الكلام والبحث في اثبات هذا الشيء (هل يمكن الترخيص او لا يمكن الترخيص ) اما انت تاتي وتسلم بالقضية وتقول (يحكم بها الوجدان ) وتعتمد عليها وتستدل بها على شيء هذه مصادرة نحن نريد ان نثبت هذا الامر (هل ان حكم العقل بالمنجزية معلق على عدم التقييد او غير معلق ) .

التعليق الثاني :
قوله  (حكم العقل بالمنجزية تعليقيا دائما مشروطا بعدم الترخيص من قبل المولى .....كما يشهد الوجدان ) غير تام .
لان الوجدان يشهد على خلاف قوله في الاحكام المقطوعة كما ان البرهان يثبت خلاف مبناه وكما بينه السيد الشهيد خلال البحث فلا يوجد دوام او دائمية في التعليق والتوقف ولا يشهد الوجدان على ذلك .

التعليق الثالث :
قوله ( ليس هذا من باب ضيق الخناق ل من باب الاشتباه والتزاحم بين الملاكات بحسب نظر المولى ) فيه :
أ- ان كان يقصد بالمولى الشارع المقدس فكلامه باطل لان الاشتباه والتزاحم بين الملاكات والاختلاط بحسب نظر المكلف وليس بحسب نظر المولى الشرعي المقدس .

ب- وان كان يقصد بالمولى العبد المكلف فان كلامه فيه خلط بين المكلف وما يحصل عنده من اختلاط وتزاحم بالملاكات والمبادى وبين المولى وخطابه من ناحية الضيق او السعة , يعتمد على عدة عوامل بعض هذه العوامل يرجع الى قصور او موانع ترجع الى نفس المكلف وبعضها يرجع الى نفس الحكم والواقعة او الحادثة وبعضها يرجع الى شان المولى وقدسه وعضمته .
فكلام السيد الشهيد (قدس  سره) واضح في ان المقصود هو ضيق الخناق على المولى المشرع ولا علاقة ولا ملازمة بين هذا وبين الاشتباه والخلط بالملاكات والمبادى عند المكلف ,فضيق الخناق بلحاظ المولى وخطابه بحيث ان المولى هل يمكن ان يستثني هذا او لا يمكن ان يستثني هذا ؟
وهذا الشيء ليس له علاقة بالمكلف وما يحصل عنده .

التعليق الرابع :
قوله  : ( ان مثل هذا الضيق للخناق لا يكون ادراكه رافعا لاثر الحكم الشرعي الظاهري ) .
تام حسب ظاهر المعنى من الكلام هنا ,لكن هذا المقصود غير تام بلحاظ السيد الشهيد محمد باقر الصدر ومراده ,لانه قدس سره  لايقول بان مجرد ادراك ضيق الخناق يكون رافعا لاثر الحكم الشرعي الظاهري , يعني كل من ادرك ضيق الخناق في خطاب معين يقول انا غير مشمول بهذا الخطاب ليس هذا هو المراد ,بل ضيق الخناق والحديث عنه قد تفرع عن وقوع المكلف في اضطراب واشتباه وشيء من التعارض والتنافي او التضاد في النفس والفكر ,وهذا ناشيء من قطع العبد وعلمه ويقينه بالحكم والتكليف الالزامي الواقعي وفي نفس الوقت وصل اليه حكم الترخيص فهل المكلف في مثل هذه الحال يكون ملزما بالامتثال واطاعة التكليف والحكم الالزامي والمقطوع به او انه يكون مطلق العنان وبالخيار في ترك ذلك التكليف الالزامي اعتماداً منه على الحكم الظاهري الترخيصي .
ومن هنا حصل عند العبد المكلف الادراك والتفسير بان عدم استثنائه - حسب الصورة لم يستثن- من خطاب الحكم الظاهري هو من باب ضيق الخناق على المولى بحيث لو كان يمكن للمولى ان يستثنيه لاستثناه لكنه يتيقن بانه غير مشمول بالخطاب روحا وملاكا بالرغم من شموله بالصورة وبالخطاب فقط .


والمختار :
اولا: يستحيل جعل الحكم الواقعي الحقيقي المخالف او الرادع في موارد التكليف المقطوع به او المنكشف بالقطع وذلك لان جعله يستلزم التضاد واقعا او في نظر القاطع .

ثانيا:يستحيل جعل الحكم الظاهري المخالف او الرادع في موارد التكليف المقطوع به او المنكشف بالقطع وذلك :
أ- بناءا على القول بنفسية الاحكام الظاهرية فان جعل الحكم الظاهري في مثل هذه الموارد يستلزم التضاد .

ب- بناء على القول بطريقية الاحكام الظاهرية فان جعل الحكم الظاهري في مثل هذه الموارد يستلزم دائما ان المكلف القاطع يرى نفسه مستثنى عن الخطاب وغير مشمول به لا روحا ولا ملاكاً وان كان مشمولاً به صورة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق