الاثنين، 11 يوليو 2016

الحكم الشرعي وتقسيماته

الحكم الشرعي : هو التشريع الصادر من المولى تعالى لتنظيم حياة الانسان سواء كان التشريع (الحكم) متعلقاً بافعال الانسان ام بذاته ام باشياء اخرى داخلة في حياة الانسان .
اما الخطاب الشرعي فهو : هو الخطاب الوارد في الكتاب والسنة وهو مبرز للحكم الشرعي (التشريع) وكاشف عنه وليس الخطاب هو الحكم الشرعي نفسه , فالخطاب الشرعي دال والحكم الشرعي (التشريع) مدلول .

الاحكام التكليفية والوضعية
تقسم الاحكام الشرعية الى قسمين :الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية .
الاول : الاحكام التكليفية : هي الاحكام التي تتعلق بافعال وسلوك الانسان , وللحكم التكليفي توجيه مباشر فيعتبر الحكم الموجه المباشر لسلوك الانسان في مختلف جوانب حياته , ومن هذه الجوانب مثلاً:
1- الجانب الشخصي : كما في حرمة شرب الخمر حيث يوجد توجيه مباشر لسلوك الانسان والحفاظ على نفسه وعقله وتخريج الانسان من البهيمية الى الانسانية والسمو ووالعبودية الحقة وذلك بالابتعاد والانزجار والكف عن شرب الخمر .
2- الجانب العائلي والاسري: كما في وجوب الانفاق على الزوجة والاطفال والاباء وغيرهم .
3-الجانب الاجتماعي : كما في اباحة احياء الارض الميته التي لا حياة فيها فاباح الشارع المقدس احيائها وكما في وجوب العدل على الحاكم .
4- الجانب العبادي: كما في وجوب الصلاة والصوم وغير ذلك .


مراحل الحكم التكليفي ومبادؤه
------------------------------
عند تحليل علمية الحكم الشرعي التكليفي اي عملية التشريع التي يمارسها المولى ( الشرعي او العرفي) نجد انها تقسم الى مرحلتين ,
والمرحلتان هما الثبوت والاثبات .

الاولى :مرحلة الثبوت
وفيها ثلاث عناصر : الملاك والارادة والاعتبار
العنصر الاول : الملاك (المصلحة) وهو ما يشتمل عليه الفعل من مصلحة ومنفعة والملوى هو الذي يحدد الملاك ويدركه .
العنصر الثاني: الارادة او الشوق(الحب) بعد ان يدرك ويحدد المولى الملاك فانه تتولد عنده ارادة وشوق وحب لذلك الفعل بدرجة تتناسب مع الملاك والمصلحة .
اما مقدار وما هي شدة الشوق والحب والارادة للفعل فهذه تتناسب مع قوة وشدة وعظم وحجم الملاك والمصلحة فاذا كان الملاك بدرجة كبيرة وشديدة وواسعة وعريضة وعميقة وعامة فانه بكل تاكيد سيكون الشوق والارادة بدرجة عالية  وكبيرة وعميقة وتكون بدرجة ملزمة .
العنصر الثالث : الاعتبار وهو بعد تولد الارادة عند المولى فانه يصوغ ارادته صياغة جعلية من نوع الاعتبار ويعتبر الفعل على ذمة المكلف .

مثال :
لو تفرض نفسك انك المولى وتريتد ان تربي ابنائك على شيء معين ووجدت فعلا فيه ملاك لابنائك وتصورت المصلحة كما لو اشتقت ان يلتزم ابنائك بالصلاة او بالزيارة او قراءة القران قبل البلوغ فانه :
اولا: انك شخصت المصلحة والفائدة والملاك .
ثانيا: بعد ذلك اشتقت الى تحقيق المصلحة وهو فعل الصلاة الذي يصدر منهم وهذا كله في الذهن في ذهن المولى .
ثالثا: تعتبر في داخلك فتقول استعمل الاسلوب الفلاني واجعل مكافئة لمن يصلي وابين لهم جانب ترغيبي معين وبعد ان يتم ذلك تبين بلفظ واعتبار معين (وهذا يكون في داخلك) فتقول افعل كذا وكذا وفي النتيجة تقول حتى اجعل هذا الفعل في ذهن (نفس,قلب) وفي داخل المكلف وهذه القضية اعتبارية لانه يمكنك ان تجعل الارادة مباشرة وتقول اريد منكم اقامة الصلاة او كذا او كذا بدون ان تجعل مقدمة لهذا الكلام وانما تنقل الارادة مباشرة تقول اريد هذا الشيء او تنقل الملاك مباشرة وتقول هذا فيه مصلحة وملاك .

تنبيهان :
التنبيه الاول : ان الاعتبار ليس عنصر ضرورياً في مرحلة الثبوت بل يستخدم غالباً كعمل تنظيمي وصياغي اعتاده المشرعون والعقلاء وقد سار على طريقتهم في ذلك لذلك قلنا يستطيع المولى ان يبرز مراده مباشرة بابراز الارادة او الملاك .

التنبيه الثاني : مع افتراض ان الحكم الشرعي ( التشريع) نفسه العنصر الثالث (الاعتبار) فان الملاك والارادة يسميان بـــ(مبادى الحكم ,روح الحكم) وكما اشرنا سابقا انه حقيقة الامر ان العنصر الثالث ( الاعتبار ) ممكن ان يفعله المولى وممكن ان لا يفعله , بل يبرز الارادة او الملاك مباشرة فالاعتبار ليس عنصرا ضروريا وهذا يعني ان الاعتبار في الحقيقة لا يمثل الحكم الشرعي اي لا يمثل روح وحقيقة الحكم الشرعي بل الملاك والارادة مبادى الحكم هي التي تمثل روح وحقيقة الحكم (التشريع)

مرحلة الاثبات (الابراز)
----------------------
مرحلة الابراز او الاثبات هي المرحلة التي يبرز فيها المولى مرحلة الثبوت بجملة انشائية او خبرية والابراز له عدة صور :-
الصورة الاولى : ابراز الملاك : الابراز قد يتعلق بالملاك والمصلحة مباشرة كما لو قال المولى : شرب الخمر مفسدة حيث ان الابراز تعلق بالملاك مباشرة .

الصورة الثانية : ابراز الارادة : الابراز قد يتعلق بالارادة مباشرة كما لو قال المولى : اريد منكم التفقه في الدين .

الصورة الثالثة : ابراز الاعتبار : الابراز يمكن ان يتعلق بالاعتبار وهذا بدوره يكشف عن وجود ارادة ووجود ملاك والمولى يبرز الاعتبار فهو يعتبر ابراز للارداة والملاك لانه ( ببرهان الا) لا يوجد اعتبار الا بوجود الارادة والملاك .

وابراز الاعتبار كما في قوله تعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا) ال عمران/97

تنبيهات :
التنبيه الاول : البعث والتحريك والارسال عناوين ينتزعها العقل من الابراز الصادر من المولى بقصد التوصل الى مراده
التنبيه الثاني: روح الحكم وحقيقته ( الملاك والارادة) هي التي تقع موضوعاً لحكم العقل بوجوب الامتثال
التنبيه الثالث :حق الطاعة : بعد ان يتم الابراز يصبح من حق المولى على العبد ( قضاء لحق مولويته ) الاتيان بالفعل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق