السبت، 15 أكتوبر 2016

حقيقة العلم الاجمالي

في تفسير حقيقة العلم الاجمالي وفي بيان حقيقته وكيفية تعلقه بمتعلقه اربعة اقوال :
القول الاول : تعلق العلم الاجمالي بالفرد المردد
القول الثاني : تعلق العلم الاجمالي بالجامع
القول الثالث : تعلق العلم الاجمالي بالواقع
القول الرابع : تعلق العلم الاجمالي بالجامع الملحوظ بنحو الاشارة الى الخارج

ندخل في بعض التفصيل :
القول الاول : تعلق العلم الاجمالي  بالفرد المردد
صاحب الكفاية الخراساني في بحث الواجب التخييري صور الواجب التخييري بانه متعلق بالفرد المردد واشار هناك الى اشكال ودفعه :
الاشكال : انه كيف تتعلق صفة الوجود بالفرد المردد؟
دفع الاشكال :
[ ان الوجوب امر اعتبار لا باس بتعلقه بالمردد , كيف وصفة العلم وهي صفة حقيقية لا اعتبارية قد تتعلق بالفرد المردد كما في موارد العلم الاجمالي ]
وهذه العبارة هي محل الشاهد على قول ومبنى صاحب الكفاية حيث يعتبر ان العلم الاجمالي يتعلق بالفرد المردد

اشكال المشهور:
استشكل المشهور بان الفرد المردد مستحيل خارجا وذهنا وعليه فيستحيل تعلق العلم الاجمالي بالفرد المردد
لان هذا الفرد او الشيء  ام واجب او ممتنع في الوجود وبلحاظ الخارج اما واجب فهو متحقق واما متنع فهو غير موجود في الخارج
فالفرد او الشيء اذا وجب وجد واذا وجد فهو واجب لانه لا يوجد في الخارج الا اذا كان واجبا فلا تردد في المقام اذن يستحيل الفرد المردد .

ندخل في بعض المطالب المنطقية زيادة توضيح :
أ- ان الكلام عن العلم يعني الكلام عن العالم والمعلوم بالذات اذن الكلام عن العلم يتسبطن الحديث عن العالم واذا وجد العالم اذن يوجد شيء المعلوم .
ب- المعلوم هو المعلوم بالذات وليس المعلوم بالعرض لان العلم يتعلق بالصورة الذهنية والصورة الذهنية هي المعلوم بالذات والخارج معلوم بالعرض فالمعلوم المقوم للعلم هو المعلوم بالذات اي الصورة الذهنية .
فانت تعلم ليس بالنار الخارجية وعلمك ليس مضافا الى النار الخارجية وانما لصورة النار اي صورة النار الذهنية .
ج-الوجود الذهني كما الوجود الخارجي يساوق ويلازم التشخص والتعين اذن لا بد من تشخص وتعين المعلوم بالذات او الصورة الذهنية اي لا بد من عدم التردد في الصورة الذهنية والصورة الذهنية هي المعلوم بالذات .
اذن لا بد من عدم التردد في الصورة الذهنية او المعلوم بالذات حتى يتحقق ويصدق عليها انها وجود ذهني .
د- واذا كان الوجود متعينا كانت الماهية متعينة وذلك لان الماهية هي التي تحدد وتعين الوجود اي هي حد الوجود وقالبه ومع تردد الماهية فان الوجود يتردد ايضا فلا يكون معينا ولا مشخصا فلا بد من تعين المعلوم بالذات وجوداً بالحمل الشايع - وماهية - بالحمل الاولي - معاً .
اذن في الرد على القول الاول للمحقق الخراساني نقول :
انه لابد من تعين بالذات وجودا وماهيتا معا ويتسحيل التردد في الوجود والماهية بالنسبة الى المعلوم بالذات اذن يستحيل الفرد المردد فاذا كان يقصد بالفرد المردد ماهية او وجودا فهو مستحيل .

القول الثاني : تعلق العلم الاجمالي بالجامع
ذهب المحقق الاصفهاني ومدرسة المحقق النائيني الى ان العلم الاجمالي يتعلق بالجامع وبرهانه قالوا :
ان الفروض المتصورة في العلم الاجمالي وتعلقه اربعة :
أ- ان لا يكون العلم الاجمالي متعلقا بشيء اصلاً
وهذا الفرض باطل وهو واضح البطلان لان العلم من الصفات ذات الاضافة فعندما نقول علم اذن يوجد معلوم فلابد وان يتعلق العلم بشيء لابد من تعلق العلم بمعلوم .

ب- ان يكون العلم الاجمالي متعلقا بالفرد بعنوانه التفصيلي
وهذا الفرض باطل ايضا لانه يوجب انقلاب العلم الاجمالي الى علم تفصيلي

ج- ان يكون العلم الاجمالي متعلقا بالفرد المردد
وهذا الفرض باطل ايضا كما برهنا على بطلانه في القول الاول وقلنا باستحالة الفرد المردد في الذهن وفي الخارج .

د- ان يكون العلم الاجمالي متعلقا بالجامع
وهذا الفرض هو المتعين بعد اثبات بطلان باقي الفروض الثلاثة وعليه فان العلم الاجمالي هو علم تفصيلي بالجامع ولا يتعدى الجامع الى الفرد المردد ولا الى الفرد غير المردد مضاف اليه شك في الخصوصيات .
بل اكثر من ذلك قالوا هو ليس عبارة عن علم وشك بل هوعبارة عن علم وعلم فاشار الى امكان تحليل العلم الاجمالي الى علمين :
1- علم بالجامع
2- علم بكونه غير خارج عن احد الفردين او الافراد .


القول الثالث : تعلق العلم الاجمالي بالواقع
وينسب هذا القول الى المحقق العراقي حيث اشار الى ان تعلق العلم الاجمالي بالواقع وليس بالجامع وهنا دعويان :
أ- ان الفرق بين العلم التفصيلي وبين العلم الاجمالي ليس في المعلوم - المعلوم بالذات - وعليه وعليه لا يتم القول ( بان العلم الاجمالي يتعلق بالجامع وانه لا تفاوت ولا فرق بين العلم الاجمالي وبين العلم التفصيلي من حيث العلم وانما الفرق بينهما في المعلوم ففي العلم التفصيلي فان المعلوم هو صورة الفرد وفي العلم الاجمالي فان المعلوم هو صورة الجامع مع الشك بالخصوصية الفردية )

ب- ان الفرق بين العلم التفصيلي وبين العلم الاجمالي في نفس العلم وعليه يتم القول : ( بانه لا فرق ولا تفاوت بين العلم التفصيلي وبين العلم الاجمالي من ناحية المعلوم ,فالمعلوم فيهما واحد وهو الواقع اي ان المعلوم فيهما هو الفرد المعين وانما الفرق بينهما من ناحية نفس العلم نظير الفرق بين الاحساس الواضح وبين الاحساس المشوب فالعلم الاجمالي علم مشوب بالاجمالي كالمراة غير الصافية
اما العلم التفصيلي فهو علم واضح لا يشوبه شيء كالمراة الصافية ).

البرهان :
استدل المحقق العراقي على مبناه بما حاصله :
ان العنوان القائم في افق العلم اي المعلوم بالذات ينطبق على الواقع بتمامه .
بيانه :
ان العلم لو كان متعلقا بالجامع اي لو كان المعلوم بالجامع او هو صورة الجامع فان المعلوم لا ينطبق الا على الحيثية الجامعة في الافراد وهذه الحيثية الجامعة تعتبر جزءا تحليليا من الفرد وليست هي الفرد .
عندما اقول زيد في الخارج وبكر في الخارج وخالد في الخارج جامع الانسان الخارجي موجود في زيد الخارجي وعمر الخارجي وفي بكر الخارجي وهكذا اذن جامع الانسان الخارجي هو ليس نفس زيد وليس نفس بكر وليس نفس عمر ليس نفس الفرد الخارجي والجامع الذهني ليس نفس الفرد الذهني فالجامع الخارجي غير الفرد الخارجي والجامع الذهني غير الفرد الذهني لان الجامع هو جزء تحليلي من الفرد والجامع ينتزع بطرح الخصوصيات الفردية .
اذن الجامع وبعد طرح الخصوصيات الفردية يستحيل ان ينطبق على الفرد بتمامه اي يستحيل ان ينطبق على الفرد بما هو فرد وهذا خلف الوجدان القاضي بان المعلوم الاجمالي ينطبق على الفرد بتمامه .
وبذلك يثبت عدم تمامية ما ذهب اليه اصحاب القول الثاني من تعلم العلم بالجامع لانه ثبت بالبرهان ان الجامع لا ينطبق على الفرد بتمامه وانتم تقولون بان المعلوم ينطبق على الفرد بتمامه وفي نفس الوقت تقولون بان المعلوم هو الجامع فكيف تجمعون بين الجامع ينطبق على الفرد بتمامه وما ثبت بالبرهان من ان الجامع لا ينطبق على الفرد بتمامه .

اشكال على برهان المحقق العراقي :
ان البرهان غير تام لان الاصل الموضوعي الذي اعتمده غير تام لان احدى مقدمات البرهان على اقل التقادير غير تامة حيث ان كلامه يستبطن هذه المقدمة التي هي الاصل الموضوعي الذي اعتمد عليه : ( ان كل عنوان جامع يستحيل ان ينطبق على الفرد بخصوصه او بتمامه ) وهذا الكلام غير تام وغير صحيح على اطلاقه لانه يوجد نوع من الجوامع ينطبق على الفرد بخصوصه او بتمامه وهي الجوامع العرضية بالنسبة لما هو فرده بالعرض ومثال الجامع العرضي عنوان : ( الفرد,الشخص, الخاص, احدهما ) .
فان عنوان (الفرد) لا يدخل كجزء تحليل في زيد او في بكر او في عمر او عنوان (خاص) لا يدخل كجزء تحليل في زيد او في بكر او في عمر بينما في الجامع الذاتي فان عنوان الانسان يدخل كجزء تحليلي وهو جزء تحليلي من زيد وعمر وبكر وخالد .

القول الرابع : تعلق العلم الاجمالي بالجامع الملحوظ بنحو الاشارة الى الخارج .
في المنطق قيل بانقسام المفاهيم الى مفهوم كلي ومفهوم جزئي والمقصود منه امران :
الامر الاول:
ان هذا الانقسام لا يراد به ان المفهوم الجزئي يمتاز على المفهوم الكلي في انه في المفهوم الجزئي قد اخذ الجامع والخصوصية الزائدة على الجامع .
وذلك لان اخذ الخصوصية الزائدة مع الجامع لا يصير ولا يجعل المفهوم جزئيا بل يبقى المفهوم كليا لان الجامع مفهوم كلي وكذلك الخصوصية الزائدة او القيد الزائد التي تؤخذ تكون كلية في نفسها وقابلة للصدق على كثيرين حتى لو فرض انحصار مصداقها خارجا بمصداق واحد فهي تبقى كلية ما دامت قابلة للصدق على كثيرين .
ومن الواضح ان اضافة الكلي الجامع الكلي الى الكلي الخصوصية القيد في المقام ينتج مفهوما كليا ايضا قابلا للصدق على كثيرين نعم هذا الكلي الناتج يسمى بالجزئي الاضافي لكن مع هذا فقد علمنا ان الجزئي الاضافي كلي وليس جزئي .

الامر الثاني :
يراد بالتقسيم ان المفهوم الجزئي قد اخذ فيه المفهوم الكلي الجامع بما هو مشار به الى الخارج والو واقع الحصة وواقع الوجود الخارجي .
فواقع الحصة وواقع الوجود الخارجي هو الذي يشخص المفهوم اي ان المفهوم يتشخص بواقع الحصة والوجود الخارجي وهذا يعني ان التشخص الحقيقي والجزئية الحقيقية تكون بالوجود وليس بالماهيات او بالمفاهيم , والوجود ليس له مفهوم ذاتي اي ليس له جنس وفصل وبهذا اللحاظ لا يمكن للذهن ان يدرك الوجود انما يكون ادراك الوجود من قبل الذهن بطريقة الاشارة الذهنية , والاشارة الذهنية هي نوع من الاستخدام الذهني للمفهوم , حيث ان الذهن يشير بالمفهوم الى الخارج والى واقع الحصة والى واقع الوجود الخارجي كالاصبع الخارجية التي تشير بها الى شيء .

تنبيه :
ان الاشارة الذهنية غير الفنائية ,فالفنائية يقصد بها ملاحظة المفهوم فانيا في مصاديقه الخارجية وهذا يقتضي التشخص ولا الجزئية الحقيقية ولا ينافي الصدق على كثيرين .
اما الاشارة الذهنية فهي استخدام ذهني بان الذهن يستخدم المفهوم ويشير به الى الواقع الى الوجود الخارجي فيحصل التشخص والتعين والجزئية الحقيقية .

المتحصل مما سبق :
ان العلم الاجمالي يتعلق بمفهوم كلي , الذي هو الجامع وهذا المفهوم الكلي ملحوظ بنحو الاشارة الخارجية اي ان هذا المفهوم او الجامع ملحوظ بما هو مشار به الى الخارج و مستخدم من قبل الذهن بنحو الاشارة به الى الخارج .
والنتيجة : ان نظرية ومبنى القول الرابع المختار قد جمعت بين الاقوال والمباني الثلاثة الاولى ويكون كل قول منها لاحظ جانبا من جوانب النظرية المختارة في تفسير حقيقة العلم الاجمالي وتعلق العلم الاجمالي بمتعلقه وبالالتزام بهذه النظرية تكون قد دفعنا كل الاشكالات المسجلة على الاقوال الثلاثة السابقة وعليه :

اولا:يصح القول الاول ( تعلق العلم الاجمالي بالفرد المردد)
لان الاشارة في موارد العلم الاجمالي لا يتعين فيها ولا يتعين بها المشار اليه من ناحية الاشارة نفسها وذلك لان الاشارة هي اشارة الى واقع الوجود وحسب الفرض فان واقع الوجود مردد بين الوجودين الخارجيين .
كما لو انه يوجد كرتان في الخارج وكان مكان ظهور الكرتين يختلف او بينهما مسافة وبسرعة مرة تظهر هذه وتختفي هذه وتظهر الثانية وتختفي الاولى وانت تريد ان تشير باصبعك الى الكرة التي في الخارج هذه او هذه ويبقى الاصبع يتردد اذن انت تريد ان تشير الى كرة واحدة لكن حصل التردد بالاشارة وبالاصبع بسبب التردد بالكرتين .
اذن يحصل التردد بالاشارة بسبب التردد بين الفردين الخارجيين او الافراد الخارجية اذا كان للعم الاجمالي اكثر من طرفين او فردين فالتردد بالاشارة يحصل بسبب التردد في الواقع والخارج , وهذا يعني ان التردد في الاشارة بمعنى ان كلا من الوجودين الخارجيين صالح لان يكون هو المشار اليه فالمشار اليه بما هو مشار اليه مردد وليس هذا من باب وجود الفرد المردد ذهنا ولا من باب وجود الفرد المردد خارجا لكي يقال ان الفرد المردد مستحيل .

ثانياً: يصح القول الثاني (تعلق العلم الاجمالي بالجامع )
وذلك لان اصحاب هذا القول لاحظوا المفهوم الذي تعلق به العلم وهذا المفهوم كما بينا هو مفهوم كلي تعلق بالجامع لان المفهوم بقطع  النظر عن كيفية استخدامه والاشارة به من قبل الذهن نحو الخارج او الواقع فهو كلي دائماً .

ان قلت :
ان العلم الاجمالي ليس متعلقا فقط بالجامع بل هو متعلق باكثر من الجامع فلا بد ان يكون متعلقا بالجامع والخصوصية الزائدة على الجامع ولا يوجد في المقام اكثر من الجامع الا الزيادة فالزيادة هي القيد او الخصوصية التي هي غير الجامع .
قلت : نحن نسلم ونتيقن بتعلق العلم بما هو زائد عن الجامع لكن هذه الزيادة لا تستلزم وجود الخصوصية والقيد بل ان الزيادة في المقام هي الاشارة .
فالعلم الاجمالي يكون متعلقا بالجامع بما هو مشار به الى الخارج وبهذه الاشارة يكون المفهوم جزئيا بلا حاجة الى ضم قيد وخصوصية زائدة بل حتى لو اضفنا خصوصية وقيد فلا يصير المفهوم جزئيا ما لم تكن الخصوصية عبارة عن اشارة اما اذا كانت مفهوما فهي كلية واضافة الكلي الى الكلي ينتج الكلي وليس الجزئي كما اشرنا له سابقاً .

ثالثاً: يصح القول الثالث ( تعلق العلم الاجمالي بالواقع ,تعلقه بالفرد )
ذلك لان المفهوم الكلي الجامع مستخدم بنحو الاشارة الى الخارج اي بنحو الاشارة الى الفرد والواقع ففي الحقيقة يراد بالعلم الاجمالي الاشارة الى فرد واحد اعلم بجامع الصلاة اعلم اما ان الجمعة واجبة والظهر ليست واجبة او صلاة الظهر واجبة والجمعة ليست واجبة .
اذن علينا ان نفرق بين العلم بالجامع وبين العلم الاجمالي فان العلم بالجامع هو علم تفصيلي بجامع صلاة الظهر والجمعة وهذا يحصل فيه الفنائية يوجد جامع مرة يفنى في هذا الفرد ومرة اخرى يفنى في الفرد الاخر اما العلم الاجمالي باحد الفردين باحد الصلاتين فهو من تطبيقات الاشارة الذهنية .
تنبيه:
الفرق بين العلم التفصيلي وبين الاشارة في العلم الاجمالي هو انه في العلم التفصيلي تكون الاشارة الى فرد وواقع معين اما في العلم الاجمالي فلا تكون الاشارة الى فرد وواقع معين بل تكون الى فرد واحد وواقع واحد لكنه مردد بين فردين او اكثر فالمراد واقعا هو فرد واحد وواقع واحد .




السبت، 8 أكتوبر 2016

العلم الاجمالي ( القطع الاجمالي )

كان الكلام في العلم او القطع التفصيلي وعرفنا ان القطع التفصيلي يكون منجزا وحجة هذه القضية مسلمة ,الان نتقل الى نوع اخر من القطع وهو العلم الاجمالي ولان العلم الاجمالي يعتبر من اقسام العلم او القطع فيكون البحث عن شؤونه واثاره وهو عبارة عن بحث عن شؤون واثار العلم والقطع فيكون البحث هنا ايضا في مرحلتين :

المرحلة الاولى: بلحاظ حرمة المخالفة القطعية
المرحلة الثانية : بلحاظ وجوب الموافقة القطعية او بلحاظ حرمة المخالفة الاحتمالية .

مثال : اعلم اجمالا بوجوب صلاة الظهر او الجمعة في يوم الجمعة :
في المرحلة الاولى حرمة المخالفة القطعية اذا تركنا الطرفين صلاة الجمعة وصلاة الظهر في المثال تحصل المخالفة القطعية فيحرم المخالفة القطعية اي يحرم ترك طرفي العلم الاجمالي .
المرحلة الثانية : حرمة المخالفة الاحتمالية اذا جاء المكلف باحد الطرفين جاء بصلاة الجمعة وترك الظهر او العكس , يحتمل انه قد خالف العلم الاجمالي لان العلم الاجمالي مردد بين الظهر او الجمعة ويحتمل ان يكون الحكم الواقعي هو الظهر والمكلف لم يات بالظهر بل بالجمعة فقط ,او يحتمل ان يكون الحكم الواقعي هو الجمعة والمكلف لم يات بالجمعة بل بالظهر اذن يوجد مخالفة احتمالية  لو تركت احد الطرفين لذلك يحرم ترك اي طرف من اطراف العلم الاجمالي .

اذن يجب على المكلف امتثال جميع اطراف العلم الاجمالي ,ولو ترك احد الطرفين فهي مخالفة احتمالية يعبر عنها حرمة المخالفة الاحتمالية او وجوب الموافقة القطعية ندخل في تفصيل ذلك


المرحلة الاولى :حرمة المخالفة القطعية :
اعلم اجمالا بوجوب صلاة الظهر او الجمعة فهل تحرم المخالفة القطعية ؟
هل يحرم ترك كلتا الصلاتين ؟
الكلام في امرين :
الامر الاول :اصل منجزية العلم الاجمالي .
هل العلم الاجمالي منجز وحجة في حرمة المخالفة القطعية ؟
نقول على جميع المباني والمسالك في العلم الاجمالي الكل يسلم بوجود علم تفصيلي بالجامع لان العلم الاجمالي هو عبارة عن جزئين علم واجمال وهذا يدخل في دائرة حق الطاعة ,اذن ذمة المكلف مشغولة بالجامع فاذا ترك الطرفين لم يات بصلاة الظهر ولم يات بصلاة الجمعة خالف الجامع خالف منجزية العلم والقطع بالجامع وبالدقة خالف العلم والقطع التفصيلي بالجامع .

الامر الثاني : امكان ردع او ترخيص الشارع وعدم امكان ذلك بلحاظ اطراف العلم الاجمالي او ان منجزية العلم الاجمالي بنحو الاقتضاء او العلية ؟.
هل يمكن للشارع ان يردع عن اطراف العلم الاجمالي او لا؟ فاذا بنينا على امكان الشارع الترخيص فالمنجزية بنحو الاقتضاء اي متوقفة على عدم الترخيص واذا بنينا في الامر الثاني على عدم امكان الترخيص واستحالة الترخيص فالمنجزية تكون على نحو العلية .

راي المشهور :
بنى المشهور على ان المنجزية بنحو العلية اي ان الشارع لا يمكن ان يردع او يرخص في العلم الاجمالي .

دليل المشهور :
قال المشهور ان الترخيص الشرعي في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي اي في مخالفة جميع الاطارف غير معقول وذلك لان المخالفة القطعية معصية قبيحة بحكم العقل ,فالترخيص في المخالفة هو ترخيص في المعصية والمعصية قبيحة اذن الترخيص في المخالفة ترخيص في القبيح والترخيص في القبيح قبيحا والقبيح يستحيل صدوره من المولى اذن يستحيل الترخيص من المولى .

يرد على المشهور :
ان حكم العقل بوجوب الامتثال وقبح المعصية واستحالة صدور المعصية من المولى مرده الى حكم العقل بحق الطاعة للمولى ومولوية المولى ,وحكم العقل بالمولوية وحق الطاعة -بلحاظ عالم الثبوت عالم الامكان كما تقدم - معلق على عدم ورود ترخيص جاد من المولى ,فاذا قطعنا بالترخيص الجاد انتفى الشرط (عدم ورود الترخيص ) واذا انتفى الشرط انتفى المشروط وهو حكم العقل بحق الطاعة ومولوية المولى الذي هو موضوع الحكم العقلي اذن ينتفي الحكم العقلي بوجوب الامتثال وقبح المعصية واستحالة صدور المعصية فلا مورد للمولوية وحق الطاعة فلا تكون المخالفة القطعية قبيحة عقلاً .

سؤال :
يتفرع عن الرد على المشهور اننا يجب ان نبحث في انه :
هل يعقل ورود الترخيص الجاد على نحو يلائم مع ثبوت الاحكام الواقعية ؟
بمعنى اذا ثبت وقطعنا بالحكم الواقعي هل يعقل ان يصدر من المولى الترخيص الجاد ؟
الجواب : والجواب يكون بلحاظين لحاظ عالم الثبوت وعالم الاثبات :

1-عالم الثبوت :
وهو ما اشرنا اليه خلال الرد على المشهور من انه يعقل ورود ترخيص جاد على نحو يلائم مع ثبوت الاحكام الواقعية .
بيان :
لدينا حكم واقعي الزامي وترخيص اذن يوجد تزاحم ملاكات فاذا افترضنا ان الملاكات الاقتضائية للاباحة بدرجة من الاهمية وكان ضمان الحفاظ عليها يستدعي الترخيص حتى الترخيص في المخالفة القطعية فان من المعقول ان يصدر من المولى هذا الترخيص .
اعلم اجمالاً بوجوب صلاة الجمعة او صلاة الظهر اذن واقعا اما صلاة الجمعة هي الواجبة اذن ترك صلاة الظهر من المباحات , او صلاة الظهر هي الواجبة فيكون ترك صلاة الجمعة من المباحات فملاكات الوجوب للجمعة وللظهر يقابلها ملاكات الاباحة للجمعة وللظهر , فاذا كانت ملاكات الاباحة درجة الاهمية فيها اعلى واكبر من الملاكات الالزامية هنا يعقل من المولى من اجل ضمان الحفاظ على الملاكات الاهم ان يقدم ملاكات الاباحة فيرخص في جميع الاطراف وطبعا بالعكس اذا كان الالزام هو الاهم سيلزم بجميع الاطراف .
المتحصل :
انه من المعقول ان يصدر من المولى ترخيص في جميع الاطراف العلم الاجمالي ويكون الترخيص ترخيصا ظاهريا بروحه وجوهره لانه ليس حكما حقيقيا ناشئا من مبادى في متعلقه بل هو خطاب طريقي من اجل ضمان الحفاظ على الملاكات الاقتضائية للاباحة الواقعية .

ان قلت :
ان العلم الاجمالي يعتبر علما تفصيليا بالجماع واذا كان علما تفصيليا فان الترخيص الطريقي في مخالفة التكليف المعلوم جامعه تفصيلا مستحيل وذلك لان الجميع يسلم باستحالة الترخيص الطريقي في مخالفة التكليف المعلوم تفصيلا وهذا يعني انه لا فرق بين العلم التفصيلي والعلم الاجمالي من هذه الناحية .

قلت :
أ-العالم بالتكليف بالعلم التفصيلي يقطع بعدم وجود ملاكات اقتضائية للاباحة لانه يقطع بالتكليف الالزامي وهذا يعني انه يرى ان التزامه علمه وقطعه لا يكون مفوتا للملاكات الاقتضائية للاباحة لانه يقطع بعدم هذه الملاكات وفي هذه الحالة اذا صدر ترخيص من المولى فان القاطع يرى عدم توجه الترخيص اليه بصورة جدية .

ب- اما العالم بالتكليف بالعلم الاجمالي فهو يرى ان حرمة المخالفة القطعية عليه الزامه بترك المخالفة القطعية , اي الزامه بامتثال طرف واحد على الاقل من اطارف العلم الاجمالي ويستلزم الزامه بفعل المباح اي يكون الفعل المباح واجبا والزاماً عليه .
فالمكلف الزم من قبل المولى باختيار احد الطرفين اما هذا او هذا فليس امامه الا ان يختار احد الاطراف فاذا اختار الجمعة وكان الالزام الواقعي الظهر فالجمعة مباحة فهو اختار هذا الطرف الجمعة في المثال وصار الزاما عليه بالرغم من اباحته الاصلية اذن فعل مباح صار الالزاما بالاحتياط او بهذا الحكم العقلي بحرمة المخالفة القطعية .
وهذا يعني ان المكلف العالم بالعلم الاجمالي يرى احتمالية وجود ملاكات اقتضائية للاباحة وهذا يعني انه يرى احتمال وجود اختلاط وتزاحم بين الملاكات الالزامية وبين الملاكات الترخيصية وفي مثل هذه الحالة يعقل ويتصور ويتقبل توجه ترخيص جاد اليه في كلا الطرفين او بكل الاطراف للعلم الاجمالي اذا كان غرض المولى ضمان الحفاظ على الملاكات الاقتضائية للاباحة في موارد الاختلاط والتزاحم بين الملاكات .

2- عالم الاثبات
بعد تبين ثبوتا وعقلا امكان فرض ورود ترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي يبقى السؤال الاثباتي والوقوعي في انه :
هل يمكن اثباتا وعقلائيا ورود ترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي ؟
وبعبارة اخرى : هل ورد ترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي ؟
او يقال : هل يمكن التمسك باطلاق الادلة الاصولية لاثبات ورود الترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي ؟
الجواب :
يكون بالنفي فلا يمكن ذلك اثباتا وعقلائيا ولم يرد ترخيص للمخالفة القطعية للعلم الاجمالي ولا يمكن التمسك باطلاق ادلة الاصول لاثبات ورود الترخيص وبيان ذلك في مقدمات :
المقدمة الاولى : ان الارتكاز العقلائي منعقد دائما او غالبا على عدم بلوغ الاغراض والملاكات الترخيصية الى درجة اكبر واهم او مساوية من الاغراض والملاكات الالزامية سواء كانت الاغراض والملاكات الالزامية معلومة بالعلم التفصيلي ام كانت معلومة بالعلم الاجمالي .
اي ان الارتكاز العقلائي منعقد على ان الاغراض والملاكات الالزامية المعلومة تفصيلا او المعلومة اجمالاً تكون دائما او غالبا اهم من الاغراض والملاكات الترخيصية .

المقدمة الثانية : وهذا الارتكاز العقلائي يصلح ان يكون قرينة لبية متصلة نقيد بها اطلاق ادلة الاصول الترخيصية .

المقدمة الثالثة : وهذا يعني ان اطلاق ادلة الاصول الترخيصية يقيد في موارد الشك فاطلاق ادلة الاصول لا يشمل موارد العلم التفصيلي ولا موارد العلم الاجمالي .
النتيجة : وعليه لا يمكن جريان ادلة الاصول الترخيصية في جميع اطراف العلم الاجمالي ,وهذا يعني انه لا يمكن اثباتا وعقلائيا ان يرد من المولى ترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي .

المتحصل:
انه بالرغم من امكان ومعقولية ورود الترخيص من المولى في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي في عالم الثبوت فانه يستحيل ذلك في عالم الاثبات اي ان منجزية العلم الاجمالي يعقل ويمكن فرض ورود ترخيص او ردع عنها ثبوتا لكنه لا يمكن ويتسحيل ورود ترخيص وردع عنها اثباتا .
اذن منجزية العلم الاجمالي تكون بنحو العلية لانه لا يمكن فرض ورود الترخيص او الردع عنها عقلائيا واثباتا بالرغم من امكان ذلك عقلا وثبوتا .

المرحلة الثانية : وجوب الموافقة القطعية
انتهى الكلام في المرحلة الاولى حرمة المخالفة القطعية ,ويبقى الكلام في المرحلة الثانية وسياتي في مباحث الاصول العملية حسب ما ذكره السيد الشهيد محمد باقر الصدر في المتن .




تفصيل وتعميق البحث في العلم الاجمالي وفي منجزية العلم الاجمالي

العلم الاجمالي :
وكما ذكرنا سابقا ان البحث في موضعين :

الموضوع الاول : في مباحث القطع
العلم او القطع الاجمالي يعتبر من اقسام العلم من اقسام القطع فيكون البحث عن شؤونه واثاره عبارة عن بحث عن شؤون القطع واثاره وعليه يكون البحث هنا في امرين :

الامر الاول : البحث عن اصل منجزية العلم الاجمالي .
ويكون بلحاظين هما :
أ- بلحاظ حرمة المخالفة القطعية
ب- بلحاظ وجوب الموافقة القطعية او حرمة المخالفة الاحتمالية .

الامر الثاني : بعد ثبوت المنجزية يبحث عن كون المنجزية هل هي :
أ- بنحو الاقتضاء :اي تنجيز العلم الاجمالي معلق على عدم ورود ترخيص شرعي
ب- او بنحو العلية: فيستحيل الترخيص بخلاف العلم الاجمالي او بخلاف الحكم المعلوم اجمالاً .

الموضع الثاني : في مباحث الاصول العملية :
قلنا
أ- اذا كان المبنى والمختار عليه العلم الاجمالي للتنجيز بلحاظ حرمة المخالفة  ووجوب الموافقة لا يبقى مجال للبحث عن العلم الاجمالي في موارد ومباحث الاصول العملية نعم تذكر بعض الامور والمباحث المتعلقة بالعلم الاجمالي تحت عنوان تطبيقات او تنبيهات .

ب- اذا كان المبنى والمختار اقتضائية العلم الاجمالي للتنجيز ولو بلحاظ احد الحكمين كلحاظ وجوب الموافقة .
فانه ينفتح باب البحث عن العلم الاجمالي في مباحث الاصول العملية فيكون البحث حول شمول ادلة الاصول العملية لموارد الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي وذكرنا بعض الكلام سابقا ولا باس به .

منجزية العلم الاجمالي
---------------------
الكلام في مرحلتين
المرحلة الاولى : المنجزية بلحاظ المخالفة القطعية
المرحلة الثانية : المنجزية بلحاظ وجوب المخالفة الاحتمالية او الموافقة القطعية
ندخل في المرحلة الاولى :
المرحلة الاولى : المنجزية بلحاظ حرمة المخالفة القطعية .
الكلام في المرحلة الاولى سيكون في بحثين :
البحث الاول : البحث عن اصل المنجزية
البحث الثاني : البحث عن ان المنجزية بنحو العلية او بنحو الاقتضاء .


البحث الاول :البحث عن اصل المنجزية
هل ان العلم الاجمالي ينجز حرمة مخالفة جميع اطراف العلم الاجمالي؟ والبحث عن اصل منجزية العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية يكون في نقطتين :

النقطة الاولى : بناءا على المبنى المختار من الاحتياط العقلي .
على اساس مسلك حق الطاعة فانه يكون احتمال التكليف منجزا كما سبق الكلام فبالاولى يكون العلم الاجمالي منجزا للتكليف فعلى مسلك حق الطاعة يكون العلم الاجمالي منجزا لحرمة المخالفة القطعية .

النقطة الثانية : بناءا على مبنى المشهور من البراءة العقلية على اساس مسلك قبح العقاب بلا بيان فانه يبحث عن العلم الاجمالي هل يصلح ان يكون بيانا ام لا؟

وعلى اي مبنى اوتفسير من المباني او التفسيرات للعلم الاجمالي فان البيان تام بلحاظ المخالفة القطعية للعلم الاجمالي اي بلحاظ المخالفة القطعية لجميع اطراف العلم الاجمالي لوجود البيان والعلم بالجامع .
او يقال وذلك لوجود البيان والعلم بالجامع حسب التفسير الاول او لوجود البيان والعلم بالواقع المعلوم حسب التفسير الثاني او لوجود البيان والعلم بالفرد المردد حسب التفسير الثالث .

المبحث  الثاني : المنجزية بنحو العلية او الاقتضاء .
بعد ان ثبتت المنجزية ياتي الكلام في ان منجزية العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية هل تكون بنحو العلية او بنحو الاقتضاء ؟ وهنا قولان :
1- قول المشهور :منجزية حرمة المخالفة القطعية تكون بنحو العلية .
2- قول المحقق الخراساني :منجزية حرمة المخالفة تكون بنحو الاقتضاء


ادلة المشهور على العلية
----------------------
قال المشهور ان منجزية حرمة المخالفة القطعية بنحو العلية يقصد بها استحالة الترخيص على الشرعي الخلاف اي على خلاف التكليف المعلوم اجمالاً اي ان المنجزية غير معلقة على عدم ورود الترخيص .
وقد ذكر المشهور عدة براهين لاثبات العلية واثبات امتناع واستحالة ورود الترخيص في تمام اطراف العلم الاجمالي منها :

البرهان الاول :مدرسة المحقق النائيني
قالوا :ان العلم الاجمالي او منجزية العلم الاجمالي علة لحرمة المخالفة القطعية وانه يمتنع ويستحيل جعل الترخيص الشرعي الظاهري في تمام اطرافه وذلك:
لان في المخالفة القطعية عصيانا قطعيا للمولى وهو قبيح فيكون الترخيص فيه قبيحاً ويمتنع ويستحيل صدور القبيح من الشارع .

الرد على البرهان الاول :
ان برهان مدرسة المحقق النائيني يعتمد على :
أ- تحقق وصدق عنوان العصيان اي عصيان قطعي للمولى
ب- وتحقق وصدق عنوان العصيان يعتمد ويتفرع على ثبوت وصدق الحكم بحرمة المخالفة القطعية .
ج- وثبوت حرمة المخالفة القطعية يعتمد ويتفرع على ثبوت منجزية العلم الاجمالي وعلى نحو العلية , لانه لو لم تثبت المنجزية اصلا او لو لم تثبت العلية بل ثبتت الاقتضائية فانه يجوز ويمكن للمولى جعل الحكم الترخيصي المخالف في جميع اطراف العلم الاجمالي لان المنجزية اقتضائية فهي معلقة على عدم ورود الترخيص وهنا ورد الترخيص وعليه لا تثبت منجزية العلم الاجمالي
وهذا فيه مصادرة لان اصل الكلام هو في اثبات ان منجزية العلم الاجمالي هي على نحو العلية اي تنجيزية لا تعليقية .
انما السيد محمد باقر الصدر كأنه يريد الاشارة الى ان ما ذكر من مدرسة النائيني ليس برهان بل هو منبه الى حكم العقل بمنجزية العلم الاجمالي بنحو العلية والتنجيزية , لا بنحو الاقتضائية والتعليقية فتحرم المخالفة القطعية .

حيث ذكر السيد محمد باقر الصدر في مباحث الحجج والاصول العملية / ج1/مبحث القطع/ منجزية العلم الاجمالي ص152:
[ذهبت مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) الى علية العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية وامتناع جعل الترخيص الشرعي الظاهري في تمام اطرافه لان في المخالفة القطعية عصياناً قطعيا للمولى وهو قبيح فيكون الترخيص فيه قبيحا ممتنعا على الشارع ]
وفي نفس الصفحة وفي معرض رده على مدرسة النائيني قال :
[وهذا الكلام لا بد وان يستبطن دعوى ان حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية حكم تنجيزي لا تعليقي والا كان الترخيص الشرعي رافعا لموضوع العصيان والقبح .واثبات التنجيزية في الحكم العقلي لابد وان يكون على اساس افتراض خصوصية فيه تمنع عن امكان رفعه من قبل الشارع بالترخيص .....].
مع الاحتفاظ ببعض النقاش على كلام السيد محمد باقر الصدر ياتي في المراحل القادمة ان شاء الله تعالى .

البرهان الثاني : لصاحب الكفاية الخراساني (قدس سره)
----------------------------------------------------
اشار صاحب الكفاية الى ان التكليف الواقعي سواء كان مشكوكا او معلوما بالاجمال او معلوما بالتفصيل فيه فرضان :

الفرض الاول :
اذا كان التكليف فعليا من جميع الجهات فانه يتسحيل الترخيص على خلافه وذلك لان الترخيص يستلزم التضاد والتضاد مستحيل سواء كان التضاد من القطع باجتماع المتضادين ام كان من الاحتمال باجتماع المتضادين اي على احد المحتملات .

الفرض الثاني:
اذا لم يكن التكليف فعلي من جميع الجهات فانه يمكن الترخيص على خلافه وذلك لان جعل الترخيص لا يستلزم التضاد يكون بين الاحكام بلحاظ مرحلة فعليتها وفي هذا الفرض فان التكليف الواقعي غير فعلي فهو مجرد حكم انشائي وليس بفعلي .

الرد على البرهان الثاني :
1- التكليف الواقعي الفعلي الذي  يقصده صاحب الكفاية :
   أ- ان اريد به الارادة والحب والبغض والمصلحة والمفسدة بقطع النظر عن التزاحم الحفظي .
    ب- وكذلك ان اريد به الامر والاعتبار والاهتمام بقطع النظر عن التزاحم الحفظي فالحكم الواقعي فعلي في موارد الشك ويشمل موارد الشك البدوي والعلم الاجمالي ومع فعليته فانه يعقل  ويمكن جعل حكم ظاهري على خلافه من دون لزوم التضاد لا قطعا ولا احتمالاً .
وذلك لان ملاك الحكم الظاهري هو التزاحم الحفظي والحفاظ على ما هو الاهم من الملاكات بلحاظ اختلاطها وتزاحمها اي بلحاظ مرحلة التزاحم الحفظي وهذا لا يستدعي ولا يستلزم التضاد بلحاظ المبادى لان مبادى الحكم الظاهري هي نفس مبادى الحكم الواقعي في نفس المورد.

2- التكليف الواقعي الفعلي ان اريد به ما بعد مرحلة الارادة والحب والبغض والمصلحة والمفسدة والامر والاعتبار والاهتمام اي التكليف بلحاظ التزاحم الحفظي فان التكليف الواقعي المشكوك ليس بفعلي في موارد في موارد  الاحكام الظاهرية .

تنبيه :
ان الجواب المذكور يتم في موارد الشك ويشمل موارد العلم الاجمالي لاننا يمكن ان نتصور التزاحم الحفظي في هذه الموارد اما في موارد العلم التفصيلي فلا يمكن ان نتصور فيها التزاحم الحفظي وعليه فالجواب لا يتم في موارد العلم التفصيلي واصل الكلام هو في العلم الاجمالي وكذلك برهان الخراساني .


البرهان الثالث : للمحقق العراقي
لاثبات ان العلم الاجمالي علة في منجزية حرمة المخالفة القطعية وانه يستحيل الترخيص الشرعي على خلاف العلم  الاجمالي فقد ذكر المحقق العراقي برهانا مفاده :
ان العلم الاجمالي والعلم التفصيلي لا فرق بينهما في المنجزية وذلك :
لانه في العلم الاجمالي فان الاجمال يكون في خصوصيات لا دخل لها في موضوع حكم العقل بالمنجزية ووجوب الامتثال , لان موضوع حكم العقل بالمنجزية ووجوب الامتثال هو الامر او النهي الصادرين من المولى ,وفي العلم الاجمالي اعلم بصدور تكليف او الزام من المولى .
مثلا العلم الاجمالي بوجوب صلاة الجمعة او صلاة الظهر فان موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال او حكم العقل بالمنجزية هوالامر او الوجوب اما خصوصية كون الامر او الوجوب متعلقا بصلاة الظهر او صلاة الجمعة فلا دخل لها في المنجزية وحكم العقل والا لو كان للخصوصيتين دخل اي انه يستلزم ان يكون وجوب صلاة الجمعة منجزاً لكونه وجوبا لصلاة الجمعة بالخصوص وكذلك وجوب صلاة الظهر يكون منجزا لكونه وجوبا لصلاة الظهر بالخصوص وهذا باطل , اذن المنجزية هو اصل الالزام الامر او الوجوب وهذا معلوم تفصيلا ولا اجمال فيه .

الرد على مبنى المحقق العراقي :
ان عدم الفرق بين العلم الاجمالي والعلم التفصيلي في المنجزية وفي اصل الالزام هذا تام .
كذلك عدم الفرق بين العلم الاجمالي والعلم التفصيلي في حكم العقل بحرمة المخالفة القطعية فهوتام ايضا .
لكن يوجد فرق بينهما من حيث التعليق والاشتراط :
أ- فحكم العقل بحرمة المخالفة القطعية في العلم التفصيلي معلق على عدم ورود ترخيص من الشارع والمعلق عليه في العلم التفصيلي ضروري الثبوت اي عدم ورود ترخيص من الشارع ضروري الثبوت وذلك لاستحالة الترخيص في موارد العلم التفصيلي اي لاستحالة الترخيص في موارد القطع كما ذكرنا سابقا .

ب- وحكم العقل برحمة المخالفة القطعية في العلم الاجمالي معلق على عدم ورود الترخيص من الشارع والمعلق عليه في العلم الاجمالي ليس ضروري الثبوت اي عدم ورود ترخيص من الشارع ليس ضروريا فهوممكن .
وذلك لامكان الترخيص وعدم الاستحالة في موارد العلم الاجمالي لاننا نعقل ويمكن ان نتصور التزاحم الحفظي في موارد العلم الاجمالي .

المتحصل :
أ- بحسب عالم الثبوت
فان المنجزية بنحو الاقتضاء وليست بنحو العلية فالعلم الاجمالي ليس علة لحرمة المخالفة القطعية وعليه يمكن الترخيص في تمام اطراف العلم الاجمالي .

ب- بحسب عالم الاثبات :
فان المنجزية بنحو العلية اي ان العلم الاجمالي علة لحرمة المخالفة القطعية فالعلم الاجمالي منجزيته غير معلقة ولا يمكن ان تعلق على عدم ورود الترخيص فعدم ورود الترخيص ضروري الثبوت او التحقق فلا يمكن ان يكون شرطا او معلقا عليه .
وذلك لانه يستحيل اثباتا وعقلائيا ولا يمكن ورود الترخيص في تمام اطراف العلم الاجمالي .

النتيجة :
المختار هو المنجزية بنحو العلية لان ورود الترخيص او الردع عنها غير ممكن ومستحيل عقلائيا واثباتا بالرغم من امكان الترخيص في الردع عقلا وثبوتا .

المرحلة الثانية : وجوب الموافقة القطعية او حرمة المخالفة الاحتمالية
الكلام يكون في بحثين :
البحث الاول : البحث عن اصل المنجزية
البحث الثاني : البحث عن المنجزية بنحو العلية او الاقتضاء

البحث الاول : اصل المنجزية
قال المشهور ان العلم الاجمالي ينجز وجوب الموافقة القطعية اي ان العلم الاجمالي ينجز حرمة المخالفة الاحتمالية ولهم ثلاثة مسالك في التنجيز :
المسلك الاول : يكون منجزا بنفسه وبالمباشر
المسلك الثاني : يكون التنجيز بعد تساقط الاصول
المسلك الثالث: التفصيل بين الموارد

المسلك الاول : يكون منجزاً بنفسه وبالمباشر .
العلم الاجمالي بنفسه ومباشرة يكون منجزا لوجوب الموافقة القطعية
المسلك الثاني : يكون التنجيز بعد تساقط الاصول
وبيان ذلك :
 اولاً: ان العلم الاجمالي يوجب تساقط الاصول العملية الترخيصية في الاطراف اي يمنع او يسقط الترخيص في الطرف الاول ويمنع او يسقط الترخيص في الطرف الثاني ويمنع او يسقط الترخيص في الطرف الثالث وهكذا في جميع اطراف العلم الاجمالي يمنع الترخيص .

ثانياً: ثم ان تساقط الاصول يقتضي المنجزية ووجوب الموافقة وليس العلم الاجمالي اي ان دور العلم الاجمالي ينتهي بتساقط الاصول وهنا شقان :
أ- ان العلم الاجمالي لا يكون منجزا بالمباشرة بل يكون منجزا بعد تساقط الاصول فهو منجز بنفسه لكن لا بالمباشرة
ب- او يقال : ان العلم الاجمالي لا يكون منجزا بالمباشرة لانه تخلله تساقط الاصول العملية وكذلك لا يكون منجزا بنفسه حتى بعد تساقط الاصول لان التنجيز ناشيء عن تساقط الاصول ومن مقتضيات تساقط الاصول .
اي ان العلم الاجمالي يوجب تساقط الاصول فقط وتساقط الاصول هو الذي يقتضي التنجيز فهو اي العلم الاجمالي منجز لا بنفسه ولا بالمباشرة .

المسلك الثالث : التفصيل بين الموارد وهو المختار وفي هذا المسلك يوجد :
الاو : على مبنى حق الطاعة او مبنى الاحتياط العقلي
فان الاحتمال يكون منجزا فبالاولى يكون العلم الاجمالي منجزا ايضا لان كل طرف من اطراف العلم الاجمالي يحتمل ان يكون هو مورد التكليف وبه تعلق التكليف اذن هو محتمل فتتنجز وتجب جميع الاطراف اذن تجب الموافقة القطعية اي يجب امتثال جميع الاطراف .

ثانيا: على مبنى قاعدة قبح العقاب بلا بيان البراءة العقلية
يكون التفصيل :
أ- بعض الموارد يحكم فيها بمنجزية العلم الاجمالي مباشرة بنفسه وبالمباشرة ينجز العلم الاجمالي
ب- والبعض الاخر يحكم فيها بعدم منجزية العلم الاجمالي اصلا
وللتحقيق والتدقيق وبيان المسلك التام واختياره لا بد من البحث اولا عن حقيقة العلم الاجمالي وتفسير تعلقه بالمتعلق .





الخميس، 15 سبتمبر 2016

مناقشة تعليق الهاشمي لمبنى السيد محمد باقر الصدر بخصوص الردع عن القطع

حيث انه (دام ظله) ينقل عن السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) في مباحث الحجج والاصول العملية /مبحث القطع / حجية القطع /ص33
( انه لا يمكن جعل حكم على خلاف الحكم المقطوع به ...... اما اذا كان القطع  بحكم ترخيصي واريد جعل حكم ظاهري الزامي فهذا الحكم اذا فرض نفسيا لزم التضاد وان فرض طريقيا هذا ايضا لا يعقل جعله , اما اذا كان القطع بحكم الزامي فمثل هذا الحكم الطريقي لا يمكن ان يكون مؤمنا ومعذرا للمكلف لان القاطع يرى ان قطعه يصيب الواقع دائماً ).

وفي تعليق الهاشمي وفي نفس المصدر على الكلام السابق قال :
( ليس هذا من باب ضيق الخناق بل من باب الاشتباه والتزاحم بين الملاكات بحسب نظر المولى وان شئت قلت ان مثل هذا الضيق للخناق لا يكون ادراكه رافعا لاثر الحكم الشرعي الظاهري بعد ان كان حكم العقل بالمنجزية تعلقيا دائما مشروط بعدم ترخيص من قبل المولى نفسه كما يشهد به الوجدان ) انتهى .

ويرد على كلام السيد الهاشمي عدة تعليقات نذكر منها :
التعليق الاول :
قوله : ( ......بعد ان كان حكم العقل بالمنجزية تعليقا دائما مشروط بعدم تخريص من قبل المولى نفسه كما يشهد به الوجدان ) .هذا غير تام وذلك لانه :
أ- اما وقع في الخلط والاشتباه في مورد الحكم المنكشف بالظن والاحتمال وبين مورد الحكم المنكشف بالقطع ,وحكم العقل التعليقي المشروط بعدم الترخيص فهو حكم مسلم به وتام بشهادة الوجدان في مورد انكشاف الحكم بالظن والاحتمال ولكنه لا يتم في مورد انكشاف الحكم بالقطع .
ب- واما ان قوله فيه مصادرة فان الكلام في المقام في الحكم الالزامي المقطوع به ,وانه هل يمكن ان يجعل المولى حكما ترخيصيا في مورد الحكم الالزامي المنكشف بالقطع ,ومع عدم امكان ذلك فانه يستحيل ان يكون الحكم المقطوع به مشروطا او معلقا على الترخيص .
او بعبارة اخرى : بدل الحكم المقطوع به نقول حكم العقل فتكون العبارة :
فانه يستحيل ان يكون حكم العقل بالمنجزية معلقا او مشروطا بعدم الترخيص من المولى اي يستحيل ان تكون منجزية القطع معلقة على عدم الترخيص .
اذن اصل الكلام والبحث في اثبات هذا الشيء (هل يمكن الترخيص او لا يمكن الترخيص ) اما انت تاتي وتسلم بالقضية وتقول (يحكم بها الوجدان ) وتعتمد عليها وتستدل بها على شيء هذه مصادرة نحن نريد ان نثبت هذا الامر (هل ان حكم العقل بالمنجزية معلق على عدم التقييد او غير معلق ) .

التعليق الثاني :
قوله  (حكم العقل بالمنجزية تعليقيا دائما مشروطا بعدم الترخيص من قبل المولى .....كما يشهد الوجدان ) غير تام .
لان الوجدان يشهد على خلاف قوله في الاحكام المقطوعة كما ان البرهان يثبت خلاف مبناه وكما بينه السيد الشهيد خلال البحث فلا يوجد دوام او دائمية في التعليق والتوقف ولا يشهد الوجدان على ذلك .

التعليق الثالث :
قوله ( ليس هذا من باب ضيق الخناق ل من باب الاشتباه والتزاحم بين الملاكات بحسب نظر المولى ) فيه :
أ- ان كان يقصد بالمولى الشارع المقدس فكلامه باطل لان الاشتباه والتزاحم بين الملاكات والاختلاط بحسب نظر المكلف وليس بحسب نظر المولى الشرعي المقدس .

ب- وان كان يقصد بالمولى العبد المكلف فان كلامه فيه خلط بين المكلف وما يحصل عنده من اختلاط وتزاحم بالملاكات والمبادى وبين المولى وخطابه من ناحية الضيق او السعة , يعتمد على عدة عوامل بعض هذه العوامل يرجع الى قصور او موانع ترجع الى نفس المكلف وبعضها يرجع الى نفس الحكم والواقعة او الحادثة وبعضها يرجع الى شان المولى وقدسه وعضمته .
فكلام السيد الشهيد (قدس  سره) واضح في ان المقصود هو ضيق الخناق على المولى المشرع ولا علاقة ولا ملازمة بين هذا وبين الاشتباه والخلط بالملاكات والمبادى عند المكلف ,فضيق الخناق بلحاظ المولى وخطابه بحيث ان المولى هل يمكن ان يستثني هذا او لا يمكن ان يستثني هذا ؟
وهذا الشيء ليس له علاقة بالمكلف وما يحصل عنده .

التعليق الرابع :
قوله  : ( ان مثل هذا الضيق للخناق لا يكون ادراكه رافعا لاثر الحكم الشرعي الظاهري ) .
تام حسب ظاهر المعنى من الكلام هنا ,لكن هذا المقصود غير تام بلحاظ السيد الشهيد محمد باقر الصدر ومراده ,لانه قدس سره  لايقول بان مجرد ادراك ضيق الخناق يكون رافعا لاثر الحكم الشرعي الظاهري , يعني كل من ادرك ضيق الخناق في خطاب معين يقول انا غير مشمول بهذا الخطاب ليس هذا هو المراد ,بل ضيق الخناق والحديث عنه قد تفرع عن وقوع المكلف في اضطراب واشتباه وشيء من التعارض والتنافي او التضاد في النفس والفكر ,وهذا ناشيء من قطع العبد وعلمه ويقينه بالحكم والتكليف الالزامي الواقعي وفي نفس الوقت وصل اليه حكم الترخيص فهل المكلف في مثل هذه الحال يكون ملزما بالامتثال واطاعة التكليف والحكم الالزامي والمقطوع به او انه يكون مطلق العنان وبالخيار في ترك ذلك التكليف الالزامي اعتماداً منه على الحكم الظاهري الترخيصي .
ومن هنا حصل عند العبد المكلف الادراك والتفسير بان عدم استثنائه - حسب الصورة لم يستثن- من خطاب الحكم الظاهري هو من باب ضيق الخناق على المولى بحيث لو كان يمكن للمولى ان يستثنيه لاستثناه لكنه يتيقن بانه غير مشمول بالخطاب روحا وملاكا بالرغم من شموله بالصورة وبالخطاب فقط .


والمختار :
اولا: يستحيل جعل الحكم الواقعي الحقيقي المخالف او الرادع في موارد التكليف المقطوع به او المنكشف بالقطع وذلك لان جعله يستلزم التضاد واقعا او في نظر القاطع .

ثانيا:يستحيل جعل الحكم الظاهري المخالف او الرادع في موارد التكليف المقطوع به او المنكشف بالقطع وذلك :
أ- بناءا على القول بنفسية الاحكام الظاهرية فان جعل الحكم الظاهري في مثل هذه الموارد يستلزم التضاد .

ب- بناء على القول بطريقية الاحكام الظاهرية فان جعل الحكم الظاهري في مثل هذه الموارد يستلزم دائما ان المكلف القاطع يرى نفسه مستثنى عن الخطاب وغير مشمول به لا روحا ولا ملاكاً وان كان مشمولاً به صورة .

الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

تعميق البحث في الردع عن القطع

قلنا في موارد الشبهات - الشك :ظن واحتمال - يمكن للشارع المقدس الردع عنها بان يجعل حكما ظاهريا على الخلاف ,على خلاف الحكم المشكوك فهل يمكن ذلك في موارد القطع ؟
اي هل يمكن للشارع المقدس الردع عن التكليف المقطوع به بان يجعل حكما على خلاف الحكم المقطوع به ؟
قال الاصوليون استحالة ذلك اي استحالة الردع عن الحكم او التكليف المقطوع واستدلوا على ذلك ببراهين

البرهان الاول :برهان التضاد
البرهان الثاني :نقض حكم العقل بحجية القطع ومنجزيته
البرهان الثالث :نقض الغرض ولو بحسب نظر القاطع

البرهان الاول :اجتماع الضدين او التضاد .
ان الردع عن القطع يستلزم اجتماع الضدين واقعا في فرض الاصابة اي في فرض كون القاطع مصيبا في قطعه ويستلزم اجتماع الضدين في نظر القاطع في فرض الخطا اي في فرض كون القاطع خاطئا وغير مصيب في قطعه .
فلو قطع المكلف بوجوب الصلاة والمولى جعل حكما بعدم الوجوب او الترخيص في ترك الصلاة هنا نقول :
أ- اذا كان القاطع مصيبا في قطعه اي ان الحكم الواقعي هو وجوب الصلاة والان المولى جعل حكما بعدم وجوب الصلاة يحصل التضاد .
ب- اما اذا كان القاطع غير مصيب للواقع وكانت الصلاة غير واجبة والمولى جعل حكما بعدم وجوب الصلاة فالقاطع لا يرى نفسه مخطئا بل يرى بان الحكم الواقعي هو ما قطع به وهو وجوب الصلاة وهنا ايضا يقع التنافي والتضاد لكن في نظر القاطع .

اذن بعبارةاخرى  نقول :
يستحيل اجتماع الضدين على نحو الاحتمال او احد المحتملات كما يستحيل اجتماع الضدين على نحو القطع .

جواب برهان التضاد
ان التضاد مثلا بين الحرمة المقطوعة والترخيص ومثلا بين الوجوب المقطوع والترخيص مرة يكون بلحاظ عالم الملاكات ومبادى الحكم ومرة بلحاظ عالم الامتثال اذن علاج شبهة التضاد يكون :

اولاً: بلحاظ عالم المبادى وعالم الملاكات
ويكون علاج شبهة التضاد بحسب المسالك التي ذكرت سابقا في دفع الشبهة في الجمع بين الاحكام الظاهرية والواقعية اي في براهين استحالة جعل الحكم الظاهري ونشير اليها ولو على نحو الاجمال :

1- المسلك القائل (اختلاف مرتبة الحكم الظاهري عن مرتبة الحكم الواقعي )
ففي هذا المسلك يشترط لتحقق التضاد وحدة المرتبة اي يكون الضدان في مرتبة واحدة فاذا انتفت وحدة المرتبة انتفى التضاد .
وهناك قالوا بان الشك في الحكم الواقعي متاخر رتبة عن الحكم الواقعي وبما ان الشك في الحكم الواقعي هو موضوع الحكم الظاهري فالحكم الظاهري متاخر رتبة عن الشك والمتحصل ان الحكم الواقعي يتقدم رتبة على الشك -الشك في الحكم الواقعي - والشك يتقدم رتبة على الحكم الظاهري اي ان الحكم الواقعي يتقدم رتبة على الحكم الظاهري والحكم الظاهري يتاخر رتبة عن الحكم الواقعي فهما ليسا في رتبة واحدة .
هنا نفس الخطوات نقول ان القطع في الحكم الواقعي متاخر رتبة عن الحكم الواقعي فالقطع متاخر رتبة عن الحكم وبما ان القطع بالحكم الواقعي هو موضوع الحكم الظاهري حسب الفرض - اذا كان الترخيص بحكم له روح الحكم الظاهري - اذن الحكم الظاهري متاخر رتبة عن القطع .
والمتحصل ان الحكم الواقعي يتقدم على القطع - القطع بالحكم الواقعي - والقطع يتقدم رتبة على الحكم الظاهري .
اي ان الحكم الواقعي يتقدم رتبة على الحكم الظاهري والحكم الظاهري يتاخر رتبة فهما ليسا في رتبة واحدة اذن لا تضاد بينهما .

تنبيه :
ذكرنا الحكم الظاهري هنا للتوضيح والبيان لان تصور الحكم الظاهري في موارد القطع بالحكم الواقعي فيه اشكال ,لانه لا شك بالحكم الواقعي فينتفي الحكم الظاهري لانتفاء موضوعه اذن نحتاج الى تفصيل كما في (ثانيا:التكاليف المنكشفة بالقطع ) وفيها صورتان :
الصورة الاولى :
أ- الترخيص بحكم ظاهري
ب- الترخيص بحكم واقعي
اذن لا باس بان نعيد العبارة ونعوض الحكم الواقعي الترخيصي حتى تكون المسالة اوضح نقول :
ان القطع في طول الحكم الواقعي اي ان القطع بالحكم الواقعي هو موضوع الحكم الظاهري او هو موضوع الحكم الواقعي الترخيصي الرادع المخالف حسب الفرض فالحكم الظاهري او الحكم الواقعي الترخيصي متاخر رتبة عن القطع .
والمتحصل ان الحكم الواقعي يتقدم رتبة عن القطع (القطع بالحكم الواقعي) وهذا القطع يتقدم رتبة على الحكم الظاهري او يتقدم رتبة على الحكم الواقعي الترخيصي .
اذن ان القطع في الحكم الواقعي متاخر رتبة عن الحكم الواقعي .

2- مسلك السيد الخوئي(قدس سره )
تقدم ان السيد الخوئي يبني على ان الحكم الظاهري لا مبادى فيه وانما المصلحة في نفس جعله وعلى هذا المسلك وبلحاظ الملاكات والمبادى ايضا يقال لا تضاد بين الحكمين ,وذلك لانه حسب الفرض لا يوجد للحكم الظاهري مبادى - ملاك وارادة - في نفس الشيء او الفعل الذي تعلق به الحكم الواقعي فلا تجتمع ارادتان ولا يجتمع ملاكان على شيء واحد فلا يتصور التنافر بين الملاكات ولا بين الارادات وعليه لا نتصور التنافي والتضاد بين الاحكام .

ثانياً:بلحاظ عالم الامتثال (عالم التنجيز والمحركية ).
فالتضاد لا يمكن رفعه بنفس ما قيل هناك في موارد الاحكام الظاهرية المجعولة في موارد الشك في الحكم الواقعي حيث يقال هناك ان التضاد منتفي وغير متحقق وذلك لان الحكم الواقعي باعتباره غير واصل فلا يكون منجزا ولا يكون محركا ,اما في المقام اي الاحكام الظاهرية الترخيصية المجعولة في موارد القطع في الحكم الواقعي الالزامي فالمفروض وصول الحكم الواقعي وتنجزه لانه مقطوع به والحكم الظاهري (الحكم الواقعي) الترخيصي ايضا واصل ومقطوع به اذن هذا واصل وهذا واصل وهذا يحرك ويبعث وهذا يحرك ويبعث خلاف تلك الحركة ذاك البعث هذا ينجز وهذا ينجز خلاف ذلك التنجيز .

ويرد على هذا :
ان هذا التضاد فرع مرحكية التكليف الواقعي المقطوع به ومحركية التكليف الواقعي التكليف الالزامي في المقام هي فرع ومحركية القطع هي فرع منجزية القطع ,اذن الكلام اولا سيكون في منجزية القطع حتى منها نفرع الكلام في محركية القطع وبعدها نفرع الكلام في محركية التكليف الواقعي المقطوع به ,بعد هذا ياتي الكلام عن التضاد.

منجزية القطع :
نقول
أ- هل منجزية القطع تكون علة تامة ( اي ان علية القطع للتنجيز غير معلقة على عدم ورود ترخيص )؟
ب- او ان منجزية القطع تكون علة اقتضائية (اي تكون معلقة على عدم ورود ترخيص )؟
فاذا كانت منجزية القطع اقتضائية فان القطع لا يكون منجزا لان منجزيته غير تامة لانها معلقة على عدم ورود الترخيص اذن محركية القطع غير تامة واذا كانت محركية القطع غير تامة اذن محركية التكليف الواقعي المقطوع به وباعثيته غير تامة فلا يحصل تضاد على هذا المبنى .
اذن علينا اولاً ان نحدد ان منجزية القطع هل هي تنجيزية او هي علة تامة .
فاذا كانت منجزية القطع علة تامة يتم هذا الكلام ويثبت التضاد اما اذا قلنا ان منجزية القطع تكون تعليقية اي علة غير تامة فلا يتم هذا البرهان ولا يثبت التضاد.

البرهان الثاني : نقض حكم العقل بحجية ومنجزية القطع
ان جعل الحكم الظاهري او الواقعي - على التفصيل - المخالف في مورد التكليف الالزامي او الحكم الالزامي المقطوع به يكون فيه نقض لحكم العقل بحجية القطع ومنجزيته لان ورود مثل هذا الحكم ينفي حجية القطع ومنجزيته .

دفع البرهان الثاني :
ان البرهان المذكور غير تام وذلك لان القول (بان ازالة الحجية عن القطع هو تفكيك بين الذات والذاتي واللازم والملزوم والعة والمعلول ) هو فرع ان تكون علية القطع للتنجيز اي ان يكون حكم العقل بالحجية والتنجيز حكما تنجيزيا لا تعليقيا ,فعلى صاحب هذا البرهان ان يثبت اولا ان هذا الحكم هو حكم تنجيزي لا تعليقي ,امتا اذا بنينا على ان علية القطع للتنجيز ليست علة تامة بل كانت علية اقتضائية اي معلقة على عدم الترخيص الشرعي بالخلاف ففي هذه الحالة لا يتم القول وذلك لانه مع ورود الترخيص الشرعي بالخلاف لا تثبت حجية ومنجزية القطع اي لا يحكم العقل بالحجية والتنجيز وعليه فلا يوجد نقض لحكم العقل بحجية القطع ومنجزيته

اذن نحن بحاجة اولا  الى البحث والتنقيح عن منجزية وحجية القطع وهل تكون تنجيزية او تكون تعليقية
فاذا كانت تنجيزية نقول يحصل التضاد او يتحقق التضاد واذا كانت تعليقية فلا يتحقق التضاد .

البرهان الثالث : نقض الغرض لو بحسب نظر القاطع
وفي هذا البرهان فرضان :
الفرض الاول :لحاظ عالم الملاك :
اذا كان المراد من الغرض والملاك الواقعي والمبادىء الواقعية فان هذا البرهان يرجع الى البرهان الاول برهان التضاد وبنفس الطرح واذا يوجد دفع يكون على نفس الدفع .

الفرض الثاني :لحاظ عالم التحريك والامتثال :
اذا كان المراد بالغرض الداعي الى الجعل والداعي هو التحريك اي المراد بالغرض هو التحريك والبعث والانبعاث اذن جعل الغرض يعني جعل الداعي يعني جعل التحريك جعل الانبعاث والبعث فهذا البرهان سيرجع الى ما يرجع اليه البرهان الثاني وجوابه ايضا .

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

الفرق بين القطع والشك(الظن والاحتمال )

نذكر فرقين بين القطع وبين الشك الذي يشمل الظن والاحتمال :
ألألإ{ٌ ألآ,لأ :
ان القطع حجة في جانبي التنجيز والتعذير معاً ,فاذا قطعنا بالتكليف فهو منجز ويجب الامتثال واذا قطعنا بعدم التكليف فهذا القطع معذر والتكليف معذر عنه فلا يجب علينا الامتثال .
اما الشك فهو حجة في جانب التنجيز فقط اي في حالة الشك في التكليف فان التكليف يتنجز اما في حالة الشك بعجم التكليف فان التكليف لا ينتفي ولا يتعذر عنه .
لان الشك في عدم التكليف يقابله الشك في التكليف نفسه ولو قلنا ان الشك حجة في جانب التنجيز والتعذير سنقع في التعارض ,لانه مهما كانت قيمة الشك بوجود وثبوت التكليف بالتاكيد يوجد مقابل هذا الشك شك بعدم التكليف فاذا كان الشك حجة في جانبي التنجيز والتعذير فلا يتنجز اي تكليف لان جانب التنجز ينجز وفي نفس الوقت يوجد جانب التعذير يعذر فماذا يفعل المكلف هل يعتبر هذا التكليف منجزا عليه لانه يشك به والشك منجز وفي نفس الوقت يوجد شك بعدم التكليف والشك معذر اذن فقط بلحاظ الشك في وجود التكليف يتنجز التكليف .

الفرق الثاني :
ان منجزية الشك (الظن والاحتمال ) قابلة للردع عنها شرعا بان يجعل الشارع المقدس ترخيصا ظاهريا على خلاف التكليف المشكوك اما منجزية القطع فهي غير قابلة للردع عنها شرعاً .
فعندما يشك المكلف بوجوب التكليف فهو منجز لكن يحق للشارع ان يجعل حكماً ظاهرياً يقول فيه انت مطلق العنان بلحاظ هذا الامر او هذه الواقعة بخلاف ما اذا كان المكلف قاطعاً بالتكليف هنا لا يمكن للمولى ان يردع عن هذا التكليف

الردع عن القطع (جعل حكم على خلاف الحكم المقطوع
عرفنا فيما سبق انه في موارد الشبهات (الشك الظن الاحتمال الوهم ) يمكن للشارع المقدس الردع عنها بان يجعل حكما ظاهريا على خلاف الحكم المشكوك الان ياتي السؤال التالي :
هل يمكن للشارع المقدس الردع عن القطع؟
 او بعبارة اخى :منجزية القطع تتوقف على عدم صدور ترخيص في المخالفة ؟
وبعبارة ثالثة :منجزية القطع هل تتوقف على عدم حصول مؤمن في المخالفة ؟

الجواب :
في المقام وكجواب اولي جواب ثبوتي :
في عالم الثبوت اذا رخص المولى نفسه في مخالفة التكليف المنكشف - باي درجة من درجات الانكشاف - وعلم المكلف بترخيص المولى فان العبد يكون معذورا في مخالفة التكليف لان المولى نفسه رخص في المخالفة ومع ترخيص المولى فلا يجب على العبد حق طاعة المولى وجاز للعبد المخالفة ولا يستحق العقاب على المخالفة ويقبح على المولى معاقبته .
سؤال اخر :
نقول :متى وفي اي حال يمكن للمولى التامين والترخيص جدا او بصورة جادة في مخالفة التكليف المنكشف ؟
الجواب :
لابأس بالدخول في تفصيل هذه المسالة :
الكلام يكون في تكليف منكشف وتكليف مخالف رادع وفي المقام يكون في التكليف الزامي منكشف وتكليف وترخيص مخالف رادع :
اللحاظ الاول : بلحاظ الحكم او التكليف المنكشف :
وهذا الحكم او التكليف فيه صورتان
الصورة الاولى : اما ان يكون الانكشاف بدرجة الظن والاحتمال .
الصورة الثانية : او يكون الانكشاف بدرجة القطع .
اللحاظ الثاني : بلحاظ الحكم او التكليف المخالف الرادع
ايضا هذا الحكم او التكليف فيه صورتان :
الصورة الاولى : تارة يكون الحكم المخالف حكما ظاهريا .
الصورة الثانية : وتارة يكون الحكم المخالف حكما واقعياً .
اذن بلحاظ المنكشف يوجد احتمالان وبلحاظ الرادع والمخالف ايضا يوجد احتمالان فالنتيجة اربعة احتمالات .
ومرة اخرى نقول بلحاظ التكليف او الحكم سواء في المنكشف او في المخالف :
أ- اما ان يكون التكليف والحكم الزاميا .
ب- او يكون التكليف والحكم ترخيصياً.
اذن يضاف احتمالان الى ما ذكرناه سابقا ثمانية صور متصورة الان ندخل في التفصيل لكن ناخذ نصف الاحتمالات والنصف الاخر يكون واضحاً من خلال التفصيل .
الان في التكليف الالزامي اما ان يكون الانكشاف بدرجة القطع او يكون بدرجة الظن والاحتمال :
اولاً: بلحاظ التكاليف المنكشفة بدرجة الظن او الاحتمال :
هل يمكن للمولى ان يجعل حكما او تكليفا يؤمن ويرخص فيه في مخالفة الحكم او التكليف المنكشف بالظن والاحتمال ؟ وهنا صورتان :
الصورة الاولى : الترخيص بحكم ظاهري
يمكن للمولى جعل حكما ظاهريا ترخيصيا جادا يخالف فيه التكليف المنكشف بالظن او الاحتمال ولا يوجد تنافي ولا تضاد بين الترخيص الظاهري وبين التكليف المحتمل او المظنون .
وذلك حسب ما بينا سابقا من  امكان التوفيق والجمع بين الاحكام الظاهرية والاحكام الواقعية وان الاحكام الظاهرية جعلت لضمان ما هو اهم من الاغراض والمبادى والملاكات الواقعية في حالات التزاحمات الملاكية واختلاط الملاكات .

الصورة الثانية : الترخيص بحكم واقعي
هل يمكن للمولى ان يرخص جدا بحكم او تكليف واقعي في مخالفة التكليف المنكشف بالظن او الاحتمال ؟ هنا فرضان :
الفرض الاول : اذا كان التكليف المنكشف (بالظن او الاحتمال ) مصيبا ومطابقا للواقع :
وفي هذا الفرض لا يمكن للمولى ان يصدر حكما واقعيا يؤمن ويرخص فيه في مخالفة الحكم او التكليف المنكشف المطابق للواقع في نفس المورد يقول واقعا هذه الصلاة واجبة وواقعا هذه الصلاة غير واجبة لا يمكن لحصول التنافي والتضاد بين الحكمين واقعا .

الفرض الثاني :اذا كان التكليف المنكشف بالظن اوالاحتمال غير مصيب وغير مطابق للواقع :
وفي هذا الفرض يمكن للمولى ان يصدر حكما واقعيا يؤمن ويرخص فيه في مخالفة الحكم المنكشف وذلك لعدم حصول تنافي وتضاد بين الحكمين فالحكم المنكشف بالظن او الاحتمال غير مصيب للواقع فهو مخالف للواقع ولا يمثله اما الحكم الترخيصي الواقعي فهو الحكم الواقعي الممثل للواقع ولا ينافيه ولا يضاده شيء او حكم اخر .
وفي مثل هذه الحالة اذا تيقن المكلف بان المولى اصدر حكما واقعيا ترخيصيا مؤمنا في مورد فيه انكشاف للتكليف الالزامي بدرجة الظن او الاحتمال عليه ان يقول بان الانكشاف بدرجة الظن او الاحتمال غير مصيب وغير مطابق للواقع لانه لو كان مطابقا للواقع لكان اصدار الحكم الواقعي الترخيصي يستلزم التضاد والتنافي .
اذن لو ثبت الترخيص الواقعي يثبت ان ذلك الحكم المنكشف بدرجة الظن او الاحتمال غير مصيب للواقع ولهذا اصدر المولى هذا الترخيص الواقعي في نفس المورد وبلحاظ نفس الفعل .

ثانيا: التكاليف المنكشفة بالقطع
ايضا نطرح هذا السؤال
هل يمكن للمولى ان يجعل حكما او تكليفا يؤمن ويرخص في مخالفة الحكم او التكليف المنكشف بالقطع ؟ هنا ايضا صورتان :

الصورة الاولى : الترخيص بحكم ظاهري
لا يمكن للمولى جعل حكم ظاهري يخالف فيه الحكم المنكشف بالقطع وذلك لان الحكم الظاهري موضوعه هو الشك بالحكم الواقعي وفي هذه الصورة لا يوجد شك بالحكم الواقعي بل الموجود هو قطع بالحكم الواقعي فلا موضوع للحكم الظاهري فينتفي الحكم الظاهري لانتفاء موضوعه وفي حالة التكليف الالزامي كما في المثال نقول يثبت الوجوب او تثبت الحرمة ولا ياتي الحكم الظاهري  بالترخيص .

الصورة الثانية : الترخيص بحكم واقعي
نسال : الان المكلف انكشف عنده الحكم الواقعي - الذي هو الالزام في المثال - بدرجة القطع هل يمكن للمولى ان يجعل حكما واقعيا يرخص فيه في مخالفة التكليف المنكشف بالقطع ويقول المولى بان الحكم في هذا الفعل او الحادثة هو عدم الوجوب واقعا ؟
هنا فرضان :
الفرض الاول : اذا كان التكليف المنكشف بالقطع مصيبا ومطابقا للواقع :
في هذا الفرض لا يمكن للمولى جعل الحكم الواقعي الترخيصي لانه يستلزم التنافي والتضاد واقعا , لاجتماع حكمين واقعيين حقيقيين متنافيين احدهما حكم واقعي بالوجوب والاخر ايضا حكم واقعي لكن بالترخيص اي عدم الوجوب .

الفرض الثاني : اذا كان التكليف بالقطع غير مصيب وغير مطابق للواقع
وهنا يكون الكلام في عالمين :
1- عالم الثبوت (الامكان) يمكن ان يجعل المولى الحكم الواقعي بالترخيص وهذا هو الذي يمثل الحكم الواقعي وذاك يكشف عن الاشتباه والخطا يكشف عن عدم الاصابة للواقع .

2- عالم الاثبات :لا يمكن ان يجعل المولى حكما واقعيا بالترخيص لان المكلف القاطع يرى انه لا يشمله القطع بالترخيص يقول انا غير مشمول به وهذا الترخيص غير جاد فالمكلف - حسب الفرض - يقطع بالحكم الالزامي فلا ثمرة من هذا الجعل .
اذن في هذا الفرض يقال ايضا انه لا يمكن للمولى جعل الحكم الواقعي الترخيصي لانه يستلزم التنافي والتضاد في نظر المكلف القاطع لانه يرى ويقطع باجتماع حكمين واقعيين حقيقيين متنافيين .

الاثنين، 12 سبتمبر 2016

المولوية والمنجزية (مولوية المولى ومنجزية احكام المولى )

ان مشهور الاصوليين بحثوا المولوية والمنجزية في بحثين منفصلين متسقلين :
البحث الاول :في مولوية المولى .
البحث الثاني : في منجزية وحجية القطع .
وفي البحث الاول قالوا ان مولوية المولى هي من الاحكام الواقعية هي امر واقعي لا نزاع فيه ولا خلاف لكنهم قالوا ان الخلاف هو في البحث الثاني وتكلموا عن هذا البحث بطرح بعض الاستفهامات مثلا هذا الاستفهام :متى يكون تكليف المولى منجزاً؟
وقالوا ان التكليف يتنجز بالوصول والقطع وعليه حكموا بقاعدة قبح العقاب بلا بيان فالتكليف عند المشهور لا يتنجز بلا وصول وقطع ففي حالة الوصول مع قطع يصح العقاب ويستحق العبد العقاب اذا خالف ومع عدم البيان اي مع عدم وصول مع عدم قطع يقبح العقاب .

توضيح في معنى الوصول :
علينا اولا ً ان نبين ماذا يقصد بمصطلح الوصول :
1- تارة يقصد بالوصول ما يقابل القطع ولا يتحقق الوصول الا بالقطع واذا تحقق القطع تحقق الوصول فالوصول هو القطع والقطع هو الوصول .
2- وتارة اخرى يقصد بالوصول مطلق الوصول اي ان الوصول له عدة درجات درجة القطع ودرجة الظن ودرجة الشك ودرجة الوهم وبصورة عامة نقول وصول بدرجة القطع ووصول بدرجة الشك .
فمشهور الاصوليين ذكروا بان التكليف يتنجز بالوصول ويقصد هنا القطع اي الوصول بدرجة القطع اما الوصول بغير القطع او لم يتحقق فيها الوصول اصلا لا يتحقق البيان فلا يتنجز التكليف , بل مع عدم البيان يقبح العقاب فلا يجب على المكلف الامتثال ويقبح على المولى معاقبة المكلف في مثل هذه الموارد .

وقد تبين مما ذكرنا سابقا ان البحثين متداخلان والبحث في المولوية يستلزم البحث في الحجية فالحجية والمنجزية من لوازم المولوية وحق طاعة المولى فالتجزئة والتجزىء والتبعيض في المنجزية وتحديد في المولوية وكذا العكس وعليه يكون البحث في مولوية المولى ومقدار حدود مولوية المولى وهو بالتاكيد سيكون بحثا عن المنجزية والحجية وهنا فروض :

الفرض الاول :
المولوية وحق الطاعة موضوعها واقع التكليف بقطع النظر عن الانكشاف ودرجته اي سواء حصل الانكشاف للتكليف ام لم يحصل وسواء كان الانكشاف بدرجة القطع ام بدرجة الشك (الظن والوهم)

وهذا الفرض باطل :
لانه يستلزم ان يكون التكليف في موارد الجهل المركب منجزا ومخالفته تكون عصيانا والعاصي يتسحق العقاب وهذا خلف معذرية القطع .
كما لو كان المكلف قاطعا بعدم التكليف في واقعة معينة ولم يمتثل وتبين ان التكليف موجود وثابت في الواقع فهو قد خالف واقع التكليف وواقع التكليف موضوع المولوية وحق الطاعة اذن خالف المولى فهو عاصي ويستحق العقاب لكن هذا خلف ما يسلم به الجميع من معذرية القطع .
اذن القول بان موضوع المولوية وحق الطاعة هو واقع التكليف هذا القول وهذا الفرض باطل .

الفرض الثاني :
المولوية وحق الطاعة موضوعها خصوص التكليف الذي يصل الى المكلف ويقطع به وهذا هو مبنى المشهور ومعناه التبعيض في المولوية بين موارد الوصول بدرجة القطع وبين موارد الوصول بدرجة دون القطع الشك .
وهذا الفرض باطل:
لان مولوية المولى ذاتية واقعية والمولوية الذاتية قلنا هي من اتم واكمل مراتب المولوية على حد سائر صفات المولى تعالى ,فحق المولى تعالى في الطاعة على المكلفين هو اكبر حق واعظمه واتمه لانه حق ناشيء من المملوكية والعبودية الحقيقية المحضة المملوكية بملاك الخالقية .

الفرض الثالث :
ان المولوية وحق الطاعة موضوعها التكليف الذي لم يقطع بعدمه اي ان موضوعها التكليف المنكشف باي درجة من درجات الانكشاف او التكليف الواصل باي درجة من درجات الوصول سواء بدرجة القطع او الظن او الشك او الوهم .

ونحن نختار الفرض الثالث وهذه هي اتم مولوية واكمل مولوية وهي مولوية المولى التي لا تقبل التجزئة والتقسيم والتحديد والتحجيم فهي تامة في جميع الموارد التي يحصل فيها الانكشاف وباي درجة من درجات الانكشاف او الوصول بدرجة القطع او الظن او الشك او الوهم .

الأحد، 11 سبتمبر 2016

المولوية حق الطاعة

كثر الكلام عن المولوية وحق الطاعة وقلنا ان المولوية هي حق طاعة المولى على المكلف وهذه المولوية وحق الطاعة تكون على ثلاثة اقسام :

1- المولوية الذاتية (حق الطاعة الذاتي)
2- المولوية المجعولة من قبل المولى الحقيقي
3- المولوية المجعولة من قبل العقلاء
وللخلط ولعدم التمييز بين اقسام المولوية وقع بعض الاشكالات عند الاصوليين في مبحث القطع ,اذن ندخل في بعض التفصيل في اقسام المولوية :

القسم الاول :المولوية الذاتية (حق الطاعة الذاتي )
وهي ثابتة بلا جعل وبلا اعتبار بل هي امر واقعي ثابت في لوح الواقع ونفس الامر وهذه المولوية مخصوصة بالله تعالى بحكم مالكيته للعباد ,والمالكية ثابتة بملاك الخالقية . ولا بد لنا من ان نفرق بين المولوية وحق الطاعة بحكم المالكية ,والمولوية وحق الطاعة بحكم المنعمية ,فانه يوجد فرق بين اطاعة العبد لمولاه لمالكه واطاعة  شخص للاكبر منه لمن تفضل عليه لمن انعم عليه ,وحتى نقرب الفكرة نقول الكلام في لحاظين :

اللحاظ الاول :لحاظ المالك الوضعي
عبد ومالك فانه اذا لم ينعم المالك على العبدى او اساء المالك للعبد وكان قاسيا عليه لا يسقط حق الطاعة للمالك على العبد تبقى طاعة المالك ثابته على العبد .

اللحاظ الثاني :لحاظ المنعم
اذا انعم عليك شخص وجبة اطاعته واذا اساء لك شخص لا يجب اطاعة المسيء وهذا امر واضح .
لكن اذا انعم عليك شخص ثم اساء اليك وزادت الاساءة او تساوت الاساءة مع النعمة او تكررت الاساءة هل يجب اطاعة ذاك الشخص بعنوان انه انعم عليك ؟
هنا لا اقل من القول بانه يوجد نقاش في هذه المسالة .
اما بالنسبة الى اللحاظ الاول فلا يوجد نقاش تبقى طاعة العبد للمولى .
وهذه من الادلة الوجدانية التي تفضل وانعم علينا بها السيد الاستاذ المعلم محمد باقر الصدر (قدس) .
اذن :
1- الله سبحانه وتعالى خالق فهو مالك ولانه مالك يلزم له حق الطاعة والمولوية .
فنقول :(الله خالق -------فهو مالك -------يلزم له حق الطاعة والمولوية الذاتية ).
2- الله سبحانه وتعالى خالق فهو مالك وبحكم مالكيته تنفذ ارادته التكوينية على المخلوقات .
وبحكم مالكيته اذا اراد تكوينا فعل تحقق الفعل التكويني (كن فيكون) هذه في الارادة التكوينية على المخلوقين .
فنقول :(الله خالق -------فهو مالك -------تنفذ ارادته التكوينية على المخلوقين )
3- الله سبحانه وتعالى خالق فهو مالك وبحكم المالكية تنفذ ارادته التشلايعية على المخلوقين .
اذا اراد شيئا في عالم التشريع فيجب على المكلف الامتثال يقول كن يتنجز التشريع على المكلف ويكون التشريع حجة .
فنقول : (الله خالق -----فهو مالك ----- تنفذ ارادته التشريعية على المخلوقين )
اذن (كن) في عالم التكوين تنفذ ارادته التكوينية على المخلوقين جميعاً .و (كن) في عالم التشريع ايضا تنفذ ارادته التشريعية على المخلوقين ففي كلا الحالتين تنفذ ارادة المولى سواء كانت التكوينية او التشريعية لكن كل ارادة بحسب عالمها الارادة التكوينية تنفذ في عالم التكوين والارادة التشريعية تنفذ في عالم التشريع .
في عالم التكوين تنفذ الارادة التكوينية اذن تتحقق العلة واذا تحقق العلة وجد المعلول هذه قضية ضرورية ولا اشكال فيها .
اما في عالم التشريع تنفذ الارادة التشريعية فيكون الفعل منجزا على العبد ويكون للمولى حق الطاعة على العبد بلحاظ هذا الفعل سواء كان على نحو الامر والامتثال او النهي والانزجار .
اذن المولوية الذاتية قلنا مخصوصة بالله تعالى ويستحيل ان تكون هذه المولوية جعلية واعتبارية ,وذلك لان نفوذ الجعل والاعتبار فرع ثبوت المولوية وحق الطاعة في المرتبة الاسابقة والا - مع عدم ثبوت المولوية - فلا ينفذ الجعل والاعتبار .
فاننا لو قلنا  ان هذه المولوية مجعولة بجعل جاعل وباعتبار معتبر ننقل الكلام الى المولوية هذا الجاعل او المعتبر هل هي مولوية ذاتية ؟ فاذا كانت ذاتية اذن الكلام في هذه المولوية الذاتية وننقل الكلام لها ويكون الحديث عنها , واذا قلنا هذا الآمر الاول الذي رجعنا اليه لم تكن مولويته ذاتية اذن هي جعلية وما دامت جعلية اذن يوجد جاعل ننقل الكلام الى الجاعل او المعتبر الاخر ,وهكذا لو لم تكن مولويته ذاتية فانها تكون جعلية وياتي فيها نفس الكلام من ان نفوذ الجعل فرع ثبوت المولوية وحق الطاعة وهكذا يتسلسل وهو مستحيل ,اذن لا بد من الوصول والتوقف الى مولوية ذاتية (لان ما بالعرض لا بد ان يرجع الى ما بالذات ).

القسم الثاني :المولوية المجعولة من قبل المولى الحقيقي
كالمولوية المجعولة للنبي او الامام عليه الصلاة والسلام من قبل المولى الحق سبحانه وتعالى .
وحتى نجعل للكلام السعة الكاملة نقول الظاهر انه يدخل فيها المولوية المجعولة لبعض الاولياء والصالحين والعلماء من قبل النبي او الامام (عليهم الصلاة والسلام) حيث ترجع هذه المولوية الى انها مجعولة من قبل الله تعالى .
لان مولوية النبي والامام ترجع الى المولوية الذاتية وهو المعصوم فلا نيطق بخلاف حكم الله وبخلاف ارادة الله سبحانه وتعالى لان المعصوم النبي صلى الله عليه واله وسلم والامام عليه السلام لا ينطق عن الهوى .
وهذه المولوية وحق الطاعة في سعتها وضيقها تتبع مقدار جعلها من قبل الجاعل المعصوم عليه السلام عن الله سبحانه وتعالى ,اما يجعل هذه المولوية مفتوحة وواسعة او يضيق هذه المولوية .

القسم الثالث : المولوية المجعولة من قبل العقلاء
وهذه المولوية التي يتفق عليها العقلاء ويجعلونها على انفسهم حفظا لنظامهم كما في جعل المولوية وحق الطاعة والسيادة للسلطات الاجتماعية المختلفة ,وكذلك المولوية وحق الطاعة المجعولة للموالي (المالكين للعبيد) مقابل العبيد وهذه المولوية في سعتها وضيقها تتبع مقدار جعلها من قبل العقلاء .
اذن المولوية مولوية ذاتية ومولوية مجعولة من اقبل المولى الحقيقي وهي المجعولة للنبي والامام عليهم السلام ومولوية مجعولة من قبل العقلاء .

مناقشة لما طرحه السيد الهاشمي من اشكال على مبنى السيد محمدباقر الصدر (قدس)
------------------------------------------------------------------------------
لا باس ان ندخل في نقاش مع السيد الهاشمي :
ففي تقريرات السيد الهاشمي لبحوث السيد محمد باقر الصدر ,مباحث الحجج والاصول العلمية الجزء الرابع الامارات والاصول / مبحث القطع /حجية القطع /ص28-29 ذكر:
( 1- المولوية الذاتية الثابتة بلا جعل واعتبار والذي هو امر واقعي على حد واقعيات لوح الواقع ,وهذه مخصوصة بالله تعالى بحكم مالكيته لنا الثابتة بملاك خالقيته وهذا مطلب ندركه بقطع النظر عن مسالة شكر المنعم الذي حاول الحكماء ان يخرجوا بها مولوية الله سبحانه ولزوم طاعته فأن ثبوت الحق بملاك المالكية والخالقية شيء وثبوته بملاك شكر المنعم شيء اخر )
وقد علق السيد الهاشمي على هذا الكلام في تعليق (1) ص29 حيث ذكر :
(1- لو كان المقصود من المالكية الاختصاص والسلطنة الاعتبارية فهو واضح البطلان وان كان المقصود السلطنة والقدرة التكوينية فيلزم ان لا يكون له حق الطاعة فيما اذا كان خالقاً ولم يكن قادرا ومسلطاعليه بقاء مع وضوح بقاء حقه ,
وان كان المقصود نفس الخالقية رجع الى مقالة الحكماء فانهم لا بد وان يريدوا بالمنعم الواهب لنعمة الوجود والخلق للانسان )/ انتهى

الرد على السيد الهاشمي :
يسجل في المقام عدة تعليقات بخصوص كلام السيد الهاشمي منها .
التعليق الاول :
ان السيد الهاشمي حصر المسالة بثلاثة احتمالات فابطل الاول وابطل الثاني اذن لم يبقى الا ان يكون الثالث هو الثابت ,لكن نقول ان ماذكره من احتمالات للمقصود من المالكية لم يكن جامعاً حيث ذكر ثلاثة احتمالات وهي :
1- المقصود من المالكية هو الاختصاص والسلطنة الاعتبارية
2- المقصود من المالكية هو السلطنة والقدرة التكوينية وكان خالقا ولم يكن قادرا ومسلطا عليه بقاءا .
3- المقصود من المالكية هو نفس الخالقية .
حيث ينقض عليه باحتمالات يمكن ان يرجع بعضها الى البعض الاخر وحسب مبنى ومنهج الهاشمي اذن اضافة الى الاحتمالات السابقة نقول :
4- المقصود من المالكية هو الاختصاص والسلطنة الذاتية وهذا يقابل الاحتمال الاول .
5-المقصود من المالكية هو السلطنة والقدرة التكوينية وكان خالقا وقادرا ومسلطا عليه بقاءا نفس الاحتمال الثاني لكنه مقيد بقيد ونحن قيدناه بقيد اخر فهو  ياقبل الاحتمال الثاني لكن من وجه .
6- المقصود من المالكية هو السلطنة والقدرة التشريعية وكان خالقا ولم يكن قادرا ومسلطا عليه بقاءا وهذا ايضا يقابل الاحتمال الثاني من وجه فهو نفس الاحتمال الثاني ونفس الشرط لكن غيرنا القدرة التكوينية الى القدرة التشريعية .
7- المقصود من المالكية هو السلطنة والقدرة التشريعية وكان خالقا وقادرا ومسلطا عليه بقاءا وهذا ايضا يقابل الاحتمال الثاني من وجه وهو ايضا يقابل الاحتمال السادس الذي ذكرناه .

ايضا تبقى احتمالات اخرى تذكر بناءا على التسليم بالسلطنة الاعتبارية والقدرة التكوينية ايضا الاعتبارية مرة تكون مقيدة بالقيد الذي ذكره (وكان خالقا ولم يكن قادرا ومسلطا عليه بقاءا ) ومرة تكون مقيدة بـ ( وكان خالقا وكان قادرا ومسلطا عليه بقاءا ) وهكذا من القيود والشروط ومن المحتملات .
وحتى لو لم تكن ما ذكرناه عبارة عن محتملات مستقلة انما ترجع الى محتمل واحد هو يكفي في النقض على ما علق به السيد الهاشمي على مباني السيد الشهيد واذا كانت اكثر من واحد بالتاكيد يكون الجواب والرد عليه (دام عزه) اوضح واجلى .

التعليق الثاني :
ان ما ذكره السيد الهاشمي في الاحتمال الثاني والتعليق عليه  (.... وان كان المقصود السلطنة والقدرة التكوينية فيلزم ان لا يكون له حق الطاعة فيما اذا كان خالقا ولم يكن قادرا ومسلطا عليه بقاءا مع وضوح بقاء حقه ).
يرد عليه ملاحظات منها :
أ- ان الكلام في المولى سبحانه وتعالى ,الكلام في المولوية الذاتية فكيف يجمع السيد الهاشمي بين السلطنة والقدرة التكوينية لمولى جلت عظمته وبين عدم كون المولى قادرا ومسلطا بقاءا حيث قال في تعليقه : ( المقصود السلطنة والقدرة التكوينية .... ولم يكن قادرا ومسلطا عليه بقاءا ..) ,
اذن يوجد شبهة في ذهن السيد الهاشمي يوجد خلط بين عالم التكوين وعالم التشريع .
ب- ايضا يوجد خلط في ذهن الهاشمي بين ان يعطي الخيار والاختيار والقدرة في عالم التشريع للمكلف وبين ان يكون المولى قادرا لكنه لا يفعل القدرة في عالم التشريع لانها تخالف علام التشريع ,اي يوجد خلط بين القدرة التكوينية والقدرة التشريعية عند المولى ,هو قادر لكن القصور في خصوصيات وحدود دائرة عالم التشريع فلا يفعل قدرته سبحانه وتعالى ولو فعل قدرته لكان هذا التفعيل مخالفا لعالم التشريع .
اذن نقول على السيد الهاشمي ان يفرق بين القدرة التكوينية والقدرة التشريعية واذا كان الكلام في القدرة التشريعية اذن هذا الشرط يكون باطلاً فترجع المحتملات التي ذكرناها ويبقى ويثبت عليه ما ذكرناه في التعليق الاول .

التعليق الثالث :
في الاحتمال الثالث قال السيد الهاشمي  ( وان كان المقصود بنفس الخالقية رجع الى مقالة الحكماء فأنهم لابد وان يريدوا بالمنعم الواهب لنعمة الوجود والخلق للاناسن ).
هذا الكلام فيه نقاش من جهات عدة :
الجهة الاولى : ان كلام السيد محمد باقر الصدر واضح في خلاف ما ذكره السيد الهاشمي هنا ,افلسيد الشهيد محمد باقر الصدر كلامه في المالكية الثابته بملاك الخالقية وليس في المالكية بمعنى الخالقية حيث قال  (....وهذه مخصوصة بالله تعالى بحكم مالكيته لنا الثابتة بملاك خالقيته ), فاذا كانت المالكية نفس الخالقية ويريد بها نفس الخالقية كيف يغفل عن هذا وهو بنفسه (قدس) ذكر المالكية وقال (بملاك الخالقية) ,
الجهة الثانية : فالمراد ان المالكية لم تحصل ببيع وشراء او هبة او نعمة او باعتبار او بجعل جاعل بل هي مالكية بملاك الخالقية فلانه تعالى خالق فهو مالك .
الجهة الثالثة : ان كلام السيد الهاشمي يحتمل رجوعه الى الخلط بين المفهوم او القاعدة او القانون وبين المصداق والتطبيق فالخالقية والخلق هي من مصاديق النعم من مصاديق المنعم ,والكلام ليس في المصاديق بل في المفهوم او القاعدة وهو (شكر المنعم ) وهل ان اطاعة المولى ومولوليته بحكم انه منعم ويجب شكره او ان اطاعة المولى ومولوليته بحكم انه مالك لانه خالق ومن الواضح ان حق طاعة المالك ومولويته تختلف عن حق طاعة المنعم ومولويته وهذا بغض النظر عن اشتراك القضيتين او القاعدتين او اشتراك موضوعيهما او محمولهما في الخارج بمصداق او تطبيق او اكثر من مصداق او تطبيق .
الجهة الرابعة :
يمكن القول : ظاهر كلام السيد الشهيد محمد باقر الصدر انه بناء على كون المولوية بحكم قاعدة ومسالة المالكية بملاك الخالقية فان المولوية تكون من الامور الواقعية .
وظاهر بناء مشهور الحكماء ان المولوية بحكم مسالة شكر المنعم فالمولوية من المشهورات التي يحكم بها العقلاء حفظا لنظامهم ,فهي من الامور المجعولة من قبل العقلاء وليست من الامور الواقعية .
ويحتمل ان يكون كلام السيد محمد باقر الصدر راجعاً الى هذا المعنى والفرق بين المبنين بين ان يكون الاساس في المولوية هو ان تكون قاعدة واقعية وبين ان تكون هي من المشهورات من الامور المجعولة ,فاذا كانت واقعية ذاتية اذن لا تخصيص ولا تقسيم لا خلل ولا نقص فيها واذا كانت من الامور المجعولة الاعتبارية تكون بالسعة والضيق تابعة للمعتبر وللجاعل حيث ذكر :
(1- المولوية الذاتية (مقابل الجعلية) الثابتة بلا جعل واعتبار الذي هو امر واقعي ....بحكم مالكيته لنا ثابتة بملاك خالقيته .....الى ان يقول : فان ثبوت الحق بملاك المالكية والخالقية شيء ( يريد ان يقول هذا من الامور الواقعية هذه من الامور الذاتية ) وثبوته بملاك شكر المنعم شيء اخر ....وهذا النحو من المولوية كما اشرنا لا تكون الا ذاتية (مقابل الجعلية والاعتبارية) ويستحيل ان تكون جعلية ......وبناء العقلاء على هذه المولوية ليست بمعنى جعلهم لها (كما توهم ) بل بمعنى ادراكهم لها على حد ادراكهم للقضايا الواقعية الاخرى ).
اذن يريد ان يقول هذه امور واقعية مقابل الجعلية .
الجهة الخامسة :
الظاهر ان مراد السيد الشهيد محمد باقر الصدر من المالكية هو الاختصاص والسلطنة والسيادة التشريعية ومولويته بهذا اللحاظ ويستفاد هذا من كلامه قدس سره حيث قارن بين هذه المولوية التشريعية او يشابهها من ناحية الارادة والنفوذ بالاختصاص والسلطنة والسيادة التكوينية والارادة التكوينية .
فقد ذكر قدس سره :
( فان ثبوت الحق بملاك المالكية والخالقية شيء وثبوته بملاك شكر المنعم شيء اخر بل هذا حذوه حذو سيادة الله التكوينية فكما ان ارادته التكوينية نفاذة في الكون كذلك ارادته التشريعية نافذة عقلاً على المخلوقين ).


مع السيد الاستاذ المعلم محمد باقر الصدر قدس سره :
--------------------------------------------------
ياضا لنا بعض النقاش مع ما ذكره السيد الاستاذ المعلم قدس سره حيث قال في مباحث الحجج والاصول العملية الجزء الرابع / الامارات والاصول /  مبحث القطع / حجية القطع / ص29 ما نصه :
( وهذا النحو من المولوية كما اشرنا لا تكون الا ذاتية ويستحيل ان تكون جعلية لان نفوذ الجعل فرع ثبوت المولوية في المرتبة السابقة فلو لم تكن هناك مولوية ذاتية  لا تثبت الجعلية ايضا لان فاقد الشيء لا يعطيه ).
ان العبارة بحاجة الى مزيد بيان فهنا تعليقات :
التعليق الاول :
قوله قدس سره ( لان نفوذ الجعل فرع ثبوت المولوية في المرتبة السابقة ) تام لكنه لا يثبت كون المولوية ذاتية :
أ- فالمولوية المجعولة من قبل النبي او الامام عليهم السلام لبعض الاصحاب المنتجبين او العلماء فان هذا الجعل للمولوية ثابت ونافذ بالرغم من ام مولوية النبي والامام هي مولوية مجعولة من الله تعالى وليست مولوية ذاتية .
لاننا لو رجعنا الى مولوية النبي الى مولوية الامام فانها مولوية مجعولة كما تقدم وصاحب المولوية المجعولة جعل الامام  او النبي مولوية للصحابي مولوية للعالم تنفذ هذه المولوية اذن مولوية الصحابي مولوية العالم هي فرع ثبوت مولوية النبي والامام سلام الله عليهم ومولوية النبي والامام ليست ذاتية وانما جعلية , اذن نفذت مولوية وولاية العالم والولي بالرغم من انها مولوية مجعولة من قبل ولي صاحب مولوية مجعولة وليست من قبل ولي صاحب مولوية ذاتية .

ب- كذلك يحتمل القول نفسه في الجعل والجعول المجعولة من قبل العقلاء فمثلا المولوية المجعولة من قبل العقلاء للمؤسسات الاجتماعية لمؤسسات اخرى  للوزارات او المولوية المجعولة من قبل العقلاء للموالي (المالكين) فهي نافذة بمقدار ما يحكم به العقلاء مهما كان مقدار نفوذها المهم ان هذه المولوية التي جعلت من قبل العقلاء نافذة وكل هذا يستلزم ان تكون مولوية العقلاء ذاتية .
فلهذا نقول كلام السيد محمد ابقر الصدر غير تام بهذا اللحاظ لانه لا يستفاد منه المولوية الذاتية والكلام في اثبات المولوية الذاتية .

التعليق الثاني :
قوله  ( فلو لم تكن هناك مولوية ذاتية لا تثبت الجعلية ايضا لان فاقد الشيء لا يعطيه ) غير تام .
وذلك لامكان ثبوت ونفوذ المولية الجعلية حتى لو كانت مولوية الجاعل مجعولة وغير ذاتية كما في مولوية النبي والامام وكما اشرنا الى هذا في التلعيق السابق (اولا) .

التعليق الثالث :
الظاهر ان السيد محمد باقر الصدر اعتمد في كلامه على مقدمة مضمرة او اكثر .
مثلا اعتماده على استلزام التسلسل واستحالته فيقال : لو لم تكن مولويته ذاتية بل كانت مجعولة فاننا ننقل الكلام الى هذه المولوية فنقول ان هذه المولوية الاعلى المجعولة لا تكون ثابتة ولا نافذة الا اذا كانت مجعولة من قبل مولوية اخرى , من قبل مولى من قبل ذي مولوية وننقل الكلام الى هذه الجديدة الاعلى ونقول لو لم تكن هذه المولوية ذاتية فهي جعلية واذا كانت جعلية ياتي فيها نفس الكلام السابق وهكذا الى الاخيرة ونقول لو لم تكن هذه المولوية ذاتية فهي جعلية واذا كانت جعلية ياتي فيها نفس الكلام السابق وهكذا يتسلسل والتسلسل مستحيل وعليه لا بد من الانتهاء الى المولوية الذاتية للواحد الاحد الفرد لان كل ما بالعرض لا بد ان يرجع الى ما بالذات .