الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

تعميق البحث في الردع عن القطع

قلنا في موارد الشبهات - الشك :ظن واحتمال - يمكن للشارع المقدس الردع عنها بان يجعل حكما ظاهريا على الخلاف ,على خلاف الحكم المشكوك فهل يمكن ذلك في موارد القطع ؟
اي هل يمكن للشارع المقدس الردع عن التكليف المقطوع به بان يجعل حكما على خلاف الحكم المقطوع به ؟
قال الاصوليون استحالة ذلك اي استحالة الردع عن الحكم او التكليف المقطوع واستدلوا على ذلك ببراهين

البرهان الاول :برهان التضاد
البرهان الثاني :نقض حكم العقل بحجية القطع ومنجزيته
البرهان الثالث :نقض الغرض ولو بحسب نظر القاطع

البرهان الاول :اجتماع الضدين او التضاد .
ان الردع عن القطع يستلزم اجتماع الضدين واقعا في فرض الاصابة اي في فرض كون القاطع مصيبا في قطعه ويستلزم اجتماع الضدين في نظر القاطع في فرض الخطا اي في فرض كون القاطع خاطئا وغير مصيب في قطعه .
فلو قطع المكلف بوجوب الصلاة والمولى جعل حكما بعدم الوجوب او الترخيص في ترك الصلاة هنا نقول :
أ- اذا كان القاطع مصيبا في قطعه اي ان الحكم الواقعي هو وجوب الصلاة والان المولى جعل حكما بعدم وجوب الصلاة يحصل التضاد .
ب- اما اذا كان القاطع غير مصيب للواقع وكانت الصلاة غير واجبة والمولى جعل حكما بعدم وجوب الصلاة فالقاطع لا يرى نفسه مخطئا بل يرى بان الحكم الواقعي هو ما قطع به وهو وجوب الصلاة وهنا ايضا يقع التنافي والتضاد لكن في نظر القاطع .

اذن بعبارةاخرى  نقول :
يستحيل اجتماع الضدين على نحو الاحتمال او احد المحتملات كما يستحيل اجتماع الضدين على نحو القطع .

جواب برهان التضاد
ان التضاد مثلا بين الحرمة المقطوعة والترخيص ومثلا بين الوجوب المقطوع والترخيص مرة يكون بلحاظ عالم الملاكات ومبادى الحكم ومرة بلحاظ عالم الامتثال اذن علاج شبهة التضاد يكون :

اولاً: بلحاظ عالم المبادى وعالم الملاكات
ويكون علاج شبهة التضاد بحسب المسالك التي ذكرت سابقا في دفع الشبهة في الجمع بين الاحكام الظاهرية والواقعية اي في براهين استحالة جعل الحكم الظاهري ونشير اليها ولو على نحو الاجمال :

1- المسلك القائل (اختلاف مرتبة الحكم الظاهري عن مرتبة الحكم الواقعي )
ففي هذا المسلك يشترط لتحقق التضاد وحدة المرتبة اي يكون الضدان في مرتبة واحدة فاذا انتفت وحدة المرتبة انتفى التضاد .
وهناك قالوا بان الشك في الحكم الواقعي متاخر رتبة عن الحكم الواقعي وبما ان الشك في الحكم الواقعي هو موضوع الحكم الظاهري فالحكم الظاهري متاخر رتبة عن الشك والمتحصل ان الحكم الواقعي يتقدم رتبة على الشك -الشك في الحكم الواقعي - والشك يتقدم رتبة على الحكم الظاهري اي ان الحكم الواقعي يتقدم رتبة على الحكم الظاهري والحكم الظاهري يتاخر رتبة عن الحكم الواقعي فهما ليسا في رتبة واحدة .
هنا نفس الخطوات نقول ان القطع في الحكم الواقعي متاخر رتبة عن الحكم الواقعي فالقطع متاخر رتبة عن الحكم وبما ان القطع بالحكم الواقعي هو موضوع الحكم الظاهري حسب الفرض - اذا كان الترخيص بحكم له روح الحكم الظاهري - اذن الحكم الظاهري متاخر رتبة عن القطع .
والمتحصل ان الحكم الواقعي يتقدم على القطع - القطع بالحكم الواقعي - والقطع يتقدم رتبة على الحكم الظاهري .
اي ان الحكم الواقعي يتقدم رتبة على الحكم الظاهري والحكم الظاهري يتاخر رتبة فهما ليسا في رتبة واحدة اذن لا تضاد بينهما .

تنبيه :
ذكرنا الحكم الظاهري هنا للتوضيح والبيان لان تصور الحكم الظاهري في موارد القطع بالحكم الواقعي فيه اشكال ,لانه لا شك بالحكم الواقعي فينتفي الحكم الظاهري لانتفاء موضوعه اذن نحتاج الى تفصيل كما في (ثانيا:التكاليف المنكشفة بالقطع ) وفيها صورتان :
الصورة الاولى :
أ- الترخيص بحكم ظاهري
ب- الترخيص بحكم واقعي
اذن لا باس بان نعيد العبارة ونعوض الحكم الواقعي الترخيصي حتى تكون المسالة اوضح نقول :
ان القطع في طول الحكم الواقعي اي ان القطع بالحكم الواقعي هو موضوع الحكم الظاهري او هو موضوع الحكم الواقعي الترخيصي الرادع المخالف حسب الفرض فالحكم الظاهري او الحكم الواقعي الترخيصي متاخر رتبة عن القطع .
والمتحصل ان الحكم الواقعي يتقدم رتبة عن القطع (القطع بالحكم الواقعي) وهذا القطع يتقدم رتبة على الحكم الظاهري او يتقدم رتبة على الحكم الواقعي الترخيصي .
اذن ان القطع في الحكم الواقعي متاخر رتبة عن الحكم الواقعي .

2- مسلك السيد الخوئي(قدس سره )
تقدم ان السيد الخوئي يبني على ان الحكم الظاهري لا مبادى فيه وانما المصلحة في نفس جعله وعلى هذا المسلك وبلحاظ الملاكات والمبادى ايضا يقال لا تضاد بين الحكمين ,وذلك لانه حسب الفرض لا يوجد للحكم الظاهري مبادى - ملاك وارادة - في نفس الشيء او الفعل الذي تعلق به الحكم الواقعي فلا تجتمع ارادتان ولا يجتمع ملاكان على شيء واحد فلا يتصور التنافر بين الملاكات ولا بين الارادات وعليه لا نتصور التنافي والتضاد بين الاحكام .

ثانياً:بلحاظ عالم الامتثال (عالم التنجيز والمحركية ).
فالتضاد لا يمكن رفعه بنفس ما قيل هناك في موارد الاحكام الظاهرية المجعولة في موارد الشك في الحكم الواقعي حيث يقال هناك ان التضاد منتفي وغير متحقق وذلك لان الحكم الواقعي باعتباره غير واصل فلا يكون منجزا ولا يكون محركا ,اما في المقام اي الاحكام الظاهرية الترخيصية المجعولة في موارد القطع في الحكم الواقعي الالزامي فالمفروض وصول الحكم الواقعي وتنجزه لانه مقطوع به والحكم الظاهري (الحكم الواقعي) الترخيصي ايضا واصل ومقطوع به اذن هذا واصل وهذا واصل وهذا يحرك ويبعث وهذا يحرك ويبعث خلاف تلك الحركة ذاك البعث هذا ينجز وهذا ينجز خلاف ذلك التنجيز .

ويرد على هذا :
ان هذا التضاد فرع مرحكية التكليف الواقعي المقطوع به ومحركية التكليف الواقعي التكليف الالزامي في المقام هي فرع ومحركية القطع هي فرع منجزية القطع ,اذن الكلام اولا سيكون في منجزية القطع حتى منها نفرع الكلام في محركية القطع وبعدها نفرع الكلام في محركية التكليف الواقعي المقطوع به ,بعد هذا ياتي الكلام عن التضاد.

منجزية القطع :
نقول
أ- هل منجزية القطع تكون علة تامة ( اي ان علية القطع للتنجيز غير معلقة على عدم ورود ترخيص )؟
ب- او ان منجزية القطع تكون علة اقتضائية (اي تكون معلقة على عدم ورود ترخيص )؟
فاذا كانت منجزية القطع اقتضائية فان القطع لا يكون منجزا لان منجزيته غير تامة لانها معلقة على عدم ورود الترخيص اذن محركية القطع غير تامة واذا كانت محركية القطع غير تامة اذن محركية التكليف الواقعي المقطوع به وباعثيته غير تامة فلا يحصل تضاد على هذا المبنى .
اذن علينا اولاً ان نحدد ان منجزية القطع هل هي تنجيزية او هي علة تامة .
فاذا كانت منجزية القطع علة تامة يتم هذا الكلام ويثبت التضاد اما اذا قلنا ان منجزية القطع تكون تعليقية اي علة غير تامة فلا يتم هذا البرهان ولا يثبت التضاد.

البرهان الثاني : نقض حكم العقل بحجية ومنجزية القطع
ان جعل الحكم الظاهري او الواقعي - على التفصيل - المخالف في مورد التكليف الالزامي او الحكم الالزامي المقطوع به يكون فيه نقض لحكم العقل بحجية القطع ومنجزيته لان ورود مثل هذا الحكم ينفي حجية القطع ومنجزيته .

دفع البرهان الثاني :
ان البرهان المذكور غير تام وذلك لان القول (بان ازالة الحجية عن القطع هو تفكيك بين الذات والذاتي واللازم والملزوم والعة والمعلول ) هو فرع ان تكون علية القطع للتنجيز اي ان يكون حكم العقل بالحجية والتنجيز حكما تنجيزيا لا تعليقيا ,فعلى صاحب هذا البرهان ان يثبت اولا ان هذا الحكم هو حكم تنجيزي لا تعليقي ,امتا اذا بنينا على ان علية القطع للتنجيز ليست علة تامة بل كانت علية اقتضائية اي معلقة على عدم الترخيص الشرعي بالخلاف ففي هذه الحالة لا يتم القول وذلك لانه مع ورود الترخيص الشرعي بالخلاف لا تثبت حجية ومنجزية القطع اي لا يحكم العقل بالحجية والتنجيز وعليه فلا يوجد نقض لحكم العقل بحجية القطع ومنجزيته

اذن نحن بحاجة اولا  الى البحث والتنقيح عن منجزية وحجية القطع وهل تكون تنجيزية او تكون تعليقية
فاذا كانت تنجيزية نقول يحصل التضاد او يتحقق التضاد واذا كانت تعليقية فلا يتحقق التضاد .

البرهان الثالث : نقض الغرض لو بحسب نظر القاطع
وفي هذا البرهان فرضان :
الفرض الاول :لحاظ عالم الملاك :
اذا كان المراد من الغرض والملاك الواقعي والمبادىء الواقعية فان هذا البرهان يرجع الى البرهان الاول برهان التضاد وبنفس الطرح واذا يوجد دفع يكون على نفس الدفع .

الفرض الثاني :لحاظ عالم التحريك والامتثال :
اذا كان المراد بالغرض الداعي الى الجعل والداعي هو التحريك اي المراد بالغرض هو التحريك والبعث والانبعاث اذن جعل الغرض يعني جعل الداعي يعني جعل التحريك جعل الانبعاث والبعث فهذا البرهان سيرجع الى ما يرجع اليه البرهان الثاني وجوابه ايضا .

هناك تعليق واحد: